كلمة ألقاها السيد فيروز رسول , كمبالا، أوغندا · 9 فبراير 2019 · 7 الحد الأدنى
ضيف الشرف، سعادة وزير الدولة للتعليم العالي الدكتور جون سي. موينغو،
السيد يوسف كيشافجي، عضو مجلس الأمناء،
الدكتور كارل أمرين،
أعضاء الحكومة والسلك الدبلوماسي،
العمداء وأعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعة،
الآباء والشركاء والداعمين والضيوف الأعزاء،
وخريجونا الذين يشكلون أهمية كبرى:
أهلاً بكم في مراسم حفل توزيع الشهادات لجامعة الآغا خان لعام 2019 في كمبالا.
نحتفل اليوم بتخرجكم، ولا يوجد شيء آخر يعادل فرح النجاح، أرى أجواء التفاؤل تطغى على المكان، وتعابير الفخر واضحة على وجوه الكثيرين. وأخيراً، تمكّنّا من أن نشهد جميعاً هذا اليوم.
يعتبر التعليم في جامعة الآغا خان اختباراً صارماً، لأنه يهدف إلى تحفيز الطالب لإخراج أفضل ما لديه، وأنتم كخريجون بتم تمتلكون المعرفة والمهارات، والثقة والتعاطف والقدرة على القيادة اللازمة لإحداث فرق في حياة الآخرين. وبالنيابة عن مجتمع جامعة الآغا خان بأكمله، فإنني أهنئكم اليوم – مبارك عليكم.
يشكل هذا اليوم بداية جديدة في حياتكم، كما إنه علامة بارزة في تاريخ جامعة الآغا خان.
مع تخريج دفعة من الطلاب لهذه السنة، فإننا سنمنح أكثر من ثلاثة آلاف وثيقة وشهادة دبلوم في شرق إفريقيا.
وبدءاً من العيادات الريفية وصولاً إلى مستشفى مولاغو الوطني، يقدم زملائكم الخرّيجون الرعاية الممتازة التي يحتاجها الناس ليعيشوا حياة صحية ومنتجة، فهم يرفعون مستوى التعليم بدءاً من مرحلة ما قبل الإبتدائي وصولاً إلى المرحلة الجامعية. وهم يقومون في وزارة الصحة ووزارة التعليم بصياغة سياسات ترمي للإسراع بعملية التنمية في أوغندا.
إنهم يقودون عملية التغيير في كمبالا وأروا وليرا وأموودات وفي أماكن أخرى.
وهذا يعتبر سبباً للإحتفال، يشكّل خريجو جامعة الآغا خان في الحقيقة "ضوءاً قوياً"، كما وصفهم المؤسس والمستشار، سمو الآغا خان، قبل ثلاثة عقود.
إنها أيضاً مناسبةٌ لتقديم الشكر لكل من ساهم في الوصول إلى هذا اليوم.
لقد قام المانحون، وخاصة مستشارنا، سمو الآغا خان، بإستثمارات إستثنائية في هذه الجامعة، ما مكّننا من تقديم الدعم المالي لتعليم طلابنا. يساعدنا شركاؤنا في تحقيق مستويات جديدة من التأثير، وقد كرّس أعضاء هيئة التدريس والموظفين أنفسهم لتلبية معايير الجودة الدولية الصارمة، فضلاً عن أن أفراد عائلات طلابنا يستحقون أيضاً شهادات تقدير خاصة. أعلم أنكم قدمتم الكثير من التضحيات حتى تشهدوا هذا اليوم ولتقطفوا ثمرة ما قدمتموه، أوجه لكم الشكر ونثمّن عالياً مساهماتكم الخاصة.
إضافة ً إلى أننا ممتنون على نحو كبير من مستشارنا، سمو الآغا خان، على تأسيس هذه الجامعة قبل 35 عاماً ولتوجيهاته التي ساهمت في تطوّرها منذ ذلك الحين، وإننا نأمل أن يفخر بالأثر والجودة التي نحققها، وبالقيم التي نتمسك بها والسمعة التي نكتسبها.
أيها الخرّيجون، إنها لحظة مصيرية في حياتكم، وهي غنية بالإمكانيات ولكنها أيضاً مليئة بالأسئلة.
لكنني أعتقد أن هناك سؤال واحد قبل كل شيء يواجه كل واحد منكم اليوم: كيف يمكنني أن أعيش حياتي القادمة بشكل مجزي؟
أعني حياةً تساهم في تحقيق العديد من المهام العظيمة للتغلب على المرض والفقر والجهل، حياةً تمكّن الآخرين من تحقيق أحلامهم، حياةً تستدعي كل المعرفة التي اكتسبتموها، وتقدم لكم التحديات لمواصلة التعلم والنمو.
لستم وحدكم في مواجهة كيفية جعل هذا العالم أكثر عدلاً وازدهاراً، إنها مسألة نكافح معاً لتحقيقها.
في الواقع، هذا سؤال طرحه المستشار عند تأسيس جامعة الآغا خان، ونظر إلى ذلك على نحو عميق عبر المساعدة المقدمة من القادة والمفكرين البارزين مثل رئيس جامعة هارفارد.
إن الأجوبة التي طرحها المستشار شكّلت رؤيتنا التأسيسية، واليوم سأطلب منكم الإنضمام إليّ في التفكير في تلك الرؤية، لأنني أعتقد أنه بإمكانكم المساعدة في الإجابة على هذا السؤال المهم للغاية: كيف يمكنني أن أُحدث فرقاً؟
أولاً وقبل كل شيء، أدرك سمو الآغا خان أن نمو المعرفة وانتشارها يؤدي إلى تحسين رفاهية الإنسان، ورأى سموه باعتباره المستشار أن هذا يعني أن الجامعات، كمحفّزات للمعرفة وتعليم القادة، لديها إمكانات هائلة لتغيير عالمنا نحو الأفضل.
وخلص إلى أنه ثمة حاجة إلى جامعة جديدة متجذرة في العالم النامي، مهمتها الأساسية تلبية المعايير الدولية للتميّز.
يمكن أن تكون هذه الجامعة نموذجاً يُحتذى به لمؤسسات أخرى لتوجيه نظرها نحو الأعلى، ويمكنها الإشارة إلى الطريق نحو المستقبل لمئات من الجامعات في العالم النامي، في كلماته، "على حدود المعرفة العلمية والإنسانية، يشع الذكاء والثقة بالنفس لدى الخريجين، فيقومون بإجراء أبحاث تهدف للوصول إلى اقتصادات مزدهرة وتحقيق أنظمة قانونية وسياسية متقدمة".
كانت هذه رؤية جريئة.
لكن سمو الآغا خان لم يتوقف، واليوم تظهر جلياً ثمار المثابرة.
تعمل جامعة الآغا خان كل يوم على تحسين نوعية الحياة لشعب أوغندا، فضلاً عن تقديم المساعدة للحكومة في تحقيق أهدافها في مجال الصحة والتعليم.
وقد جهزت برامج التطوير المهني لدينا أكثر من 900 من المعلمين الأوغنديين باستراتيجيات جديدة لتعزيز التعليم والتعلم، واستفاد منها مئات الآلاف من الطلاب.
في الآونة الأخيرة، قمنا بزيارة حوالي 800 من خريجي التمريض والقبالة في أوغندا، واطلعت كيف تساهم قيادتهم في تحسين الصحة العامة.
أوضحت مديرة قسم التمريض الرئيسي كيف أنها تستخدم المهارات التي تعلمتها في جامعة الآغا خان لتقليل العدوى عند الولادات الجدد في المستشفى، وتحدثنا إلى إحدى الممرضات الأساسيات التي قامت بإجراء تحسينات في وحدة الولادة في المستشفى، ما ساهم بزيادة عدد النساء ممن اخترن الولادة هناك إلى خمسة أضعاف، وتقول: "إن النمو السريع الذي حققته كممرضة يعود الفضل فيه إلى التعليم الذي حصلت عليه"، مضيفةً "لقد جعلتني جامعة الآغا خان ما أنا عليه اليوم، لقد منحتني الشجاعة".
ولا تزال أهم مساهمتنا في أوغندا مستمرةً.
وبدعم من فخامة الرئيس يوري موسيفيني، وسعادة رئيس الوزراء الدكتور روهاكانا روغوندا، وغيرهم من أعضاء الحكومة، فإننا نعمل بجد على تحقيق أكبر مشروع لدينا على الإطلاق هنا: بناء مستشفى جديد لجامعة الآغا خان في كمبالا.
سيكون المستشفى قوة تحويلية في الرعاية الصحية الأوغندية، وسيقدم رعاية ذات جودة عالمية في مجالات تتراوح بين التوليد وعلم الأورام (السرطان)، إضافة إلى أن برنامجه لرعاية المرضى سيتمكّن من الوصول إلى الأفراد من ذوي الدخل المنخفض. وكمستشفى تعليمي، فإنه سيقوم بتعليم المهنيين الصحيين المتميزين، فضلاً عن دعم الأبحاث التي تساعد في مواجهة التحديات الصحية في أوغندا.
بفضل الدعم السخي الذي قدمه بنك التنمية الألماني، الذي يعتبر إحدى وكالات الحكومة الألمانية، إضافةً إلى الجهات المانحة الخاصة، سيعرض هذا المشروع السكن الطلابي والمبنى الأكاديمي الذي سيسمح لنا بتعليم الأطباء والممرضات والقابلات، وكذلك الصحفيين والمراسلين والمعلمين. وفي هذا السياق، أود أن أشير إلى أنه للمرة الثانية، تم ترشيح أحد خرّيجي جامعة الآغا خان إلى التصفيات النهائية لجائزة المعلم العالمي التي تبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي، وهي مسابقة دولية يتنافس فيها المدرسون من جميع أنحاء العالم، وإننا سعداء بأن أحد خريجينا قد فاز بالترشح بها.
أيها الخريجون، تتسم العديد من مبادئ تاريخ جامعة الآغا خان بحيوية خاصة، وإنني أحثكم على النظر فيها عن كثب.
أولاً: الجرأة هي الفضيلة. لإحداث فرق دائم، يجب أن تكون على استعداد للسباحة ضد المد ونحو المياه المجهولة، فالإنجازات العظيمة تُولد من الطموح الجريء، وهذا هو ما ساهم في جعل هذه الجامعة لتصبح واقعاً.
الثاني: التميّز مُحرّك إحداث التأثير. فبدلاً من الترف، يُعتبر التميّز قوة تحويلية تتمتع بالقوة اللازمة لتحسين الحياة للجميع.
هناك دعامة أخرى للرؤيا التأسيسية التي أعتقد أنها ذات أهمية خاصة لحياتكم اليوم.
في جميع أنحاء العالم، نرى جهوداً لإذكاء الصراع عن طريق تأليب مجموعات مختلفة ضد بعضها البعض.
على النقيض من ذلك، تقف هذه الجامعة على مبدأ أن كل شخص يستحق الحصول على الفرص، بغض النظر عن العقيدة أو العرق أو القبيلة أو الجنسية أو الجنس أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي. ولهذا السبب، على سبيل المثال، فإننا نقدم المساعدة المالية للمحتاجين، حتى يتمكن الطلاب من أوسع نطاق ممكن من الخلفيات إلى الإلتحاق بجامعة الآغا خان.
ولهذا فإنني أحثكم على عدم التركيز على ما يفرق مجموعة واحدة عن أخرى، بل على إنسانيتنا المشتركة. أحثكم على تجاوز كافة الحدود لما فيه خير الآخرين، ولا سيما أولئك المحرومين.
بعبارة أخرى: كونوا أسباباً للوحدة وليس للتفرقة.
إن المبدأ الأخير الذي سأذكره هو ما ذكره مستشارنا، سمو الآغا خان، منذ أكثر من ثلاثة عقود.
حيث قال إن الجامعات "يجب أن تسعى.. إلى التحليق عالياً لتتمكن من رؤية ما وراء آفاقنا الحالية".
وهذا بالضبط ما تحاول جامعة الآغا خان القيام به، وإن ما نراه حالياً عبارة عن عالم تكون فيه القضايا كبيرة ومتعددة ومترابطة، عالم يطالب بجامعة متعددة التخصصات على نحو صحيح وتكون مواكبةً لحجم وتعقيد المشكلات التي نواجهها.
ومن ثم، لدينا خطط لإنشاء كلية للفنون والعلوم بهدف توفير التعليم الجامعي على نطاق واسع، الذي من شأنه إعداد الطلاب لممارسة القيادة في مجالات متعددة. إننا نقوم بتثقيف الصحافيين والمراسلين في كلية الدراسات العليا للإعلام والإتصالات، وهي الأولى في عدد الخرجين من المدارس المهنية الجديدة التي نقوم بتطويرها. يقوم معهد شرق إفريقيا لدينا بتقديم رؤى مختلفة حول قضايا السياسة العامة.
كما يقوم معهد التنمية البشرية بإجراء أبحاث تهدف إلى ضمان تطور كل طفل وتفجير كامل إمكاناته. يعمل مركز التميّز في مجال صحة المرأة والطفل على تعزيز الأنظمة الصحية لدى أكثر النساء والأطفال ضعفاً في شرق إفريقيا.
لذا يجب على الخريّجين، في عالم يتطور على نحو مستمر، أن يسعوا إلى التحليق عالياً ورؤية ما وراء آفاقنا الحالية، يجب عليكم أن تتوقعوا وتتكيّفوا وتشكّلوا مساراً للتغيير.
أثناء تخطيطكم لمساركم الفريد في الحياة، فإنني أشجعكم على التطلع نحو رؤية مؤسستكم التعليمية كمصدر إلهام لكم.
كونوا جريئين، واطمحوا للتميّز، وكونوا أسباباً للتوحيد وانظروا إلى الغد، وكونوا دائماً مستعدين للتصرف.
أيها الخريجون، حفل هذا اليوم ليس بمثابة وداع، إنكم اليوم تنضمون إلى مجتمع خريجي جامعة الآغا خان، وهي شبكة تضم الآلاف من وكلاء التغيير الذين يمتدّون عبر البلاد والمنطقة والعالم، وإنني أحثكم على البقاء على تواصل مع زملائكم في الجامعة وجامعتكم، وأن تتواصلوا مع زملائكم من الخريجين للحصول على المشورة والتعاون.
تُعتبر قصتكم جزء من قصة الجامعة، وإن رؤيتنا التأسيسية ستتحقق عبر إنجازاتكم.
لا يمكننا الإنتظار لنرى مدى توهجكم عبر إنجازاتكم.
شكراً لكم.