كلمة ألقاها الرئيس سليمان شهاب الدين, كراتشي، باكستان · 18 مارس 2023 · 7 دقائق
بسم الله الرحمن الرحيم.
صاحب السمو الآغا خان
الأميرة الزهراء آغا خان
رئيس وزراء إقليم السند معالي سيد مراد علي شاه
رئيس مجلس الإدارة ذاكر محمود، وأعضاء مجلس أمناء جامعة الآغا خان
الزملاء والضيوف الكرام
أفراد عائلات الخريجين
وخريجو دُفعة عام 2022، الذي يشكلون أهمية كبيرة
السلام عليكم، ومساء الخير لكم جميعاً.
شاركنا سمو الآغا خان رؤيته لجامعة الآغا خان في حفل استلام ميثاقها عام 1983، مشيراً أن أمله الكبير هو أن تقوم جامعة الآغا خان "بتطوير ضوء إرشادي، ضوء يضاف إلى الكثيرين ممن يسعون إلى إنارة الطريق المؤدي إلى حياة أفضل لشعوب العالم النامي".
وقد نجحنا بتحقيق ذلك بعد أربعين عاماً، حيث يضيء نور جامعتنا بشكل ساطع في باكستان، كينيا، تنزانيا، أوغندا، أفغانستان والمملكة المتحدة، إضافةً إلى عشرات البلدان، التي يعيش فيها خريجونا وأصدقاؤنا.
يشكّل هذا اليوم مناسبةً رائعةً ومشرقةً مع وجود أكثر من 750 شابة وشاب، ممن هم على وشك الحصول على شهاداتهم. يُعد خريجو دُفعة عام 2022 بالطبع دُفعة من المتعلمين الموهوبين بشكل استثنائي، إضافةً إلى أنهم دُفعة الفاعلين.
تتضمن الدُفعة علماء ناشئين تم نشر أسمائهم بالفعل في مجلات تمت مراجعتها من قبل الأقران، والمبتكرون الشباب، الذين نظموا ورش عمل عبر الإنترنت لمساعدة الآلاف من أقرانهم على اكتساب مهارات البحث، إضافةً إلى الفائزين بجوائز دولية، الذين أتاحوا للجمهور الحصول على المعلومات حول مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالصحة.
صرح سمو المستشار في حفل استلام ميثاق جامعة الآغا خان، أنه مهما كان مستقبل الجامعة، فإن شيئاً واحداً سيبقى ثابتاً، وهو أن "مهمتها تتمثل في إعداد الخريجين للعب أدوار بناءة وقيّمة ومسؤولة في المجتمع".
وكم كان سموّه على حق، فدُفعة عام 2022 جاهزة للعب دورها، وهي على أتم الاستعداد لتقديم الرعاية المليئة بالعطف، وإنارة الطريق أمام الجمهور، وتحويل المدارس إلى أماكن للاكتشاف، وغير ذلك الكثير.
أيها الخريجون، تهانينا على عملكم الرائع، الذي قمتم به بشكل جيد.
يشكّل حفل توزيع الشهادات مناسبة رائعة لنلتقي جميعاً. إنها لحظة نتحد فيها لنوجه التحية لخريجينا ولينطلقوا في المرحلة التالية من رحلتهم.
لكن كما سمعتم، هذا ليس فقط حفل توزيع الشهادات. إنه يوم استلام ميثاق جامعة الآغا خان، ويوم للاحتفال بمجتمع جامعة الآغا خان وما حققته الجامعة من تأثير بفضل رؤية مستشارها سمو الآغا خان. كما يضفي وجود الأميرة الزهراء معنا هنا اليوم لحضور فعاليات هذا الاحتفال بهجةً كبيرةً، وإننا فخورون جداً بحضورك الأميرة الزهراء.
سيداتي وسادتي، تُعتبر اليوم جامعة الآغا خان الجامعة القادرة على إجراء تغييرات إيجابية في الكثير من المجالات، وهذا ما فعلناه في مجال التمريض. سيتذكر الكثير منكم ما قاله سمو المستشار عند افتتاح كلية التمريض والقبالة: "إذا نجحتم، فسينعكس ذلك إيجاباً على باكستان". حسناً، لقد نجحنا مراراً وتكراراً في رفع معايير مهنة التمريض ومكانتها، ليس فقط في باكستان، ولكن في شرق إفريقيا أيضاً.
يمكننا المساعدة في حل المشكلات العالمية، مثل حقيقة أن المرض وسوء التغذية والتعليم المتدني الجودة يساهمون في حرمان ملايين الأطفال من إمكاناتهم. قمنا في المناطق، التي ينتشر فيها الفقر بخفض عدد الوفيات عند الأطفال حديثي الولادة بشكل كبير من خلال التعاون والشراكة مع الحكومة، إضافةً إلى قيامنا في المناطق المهمشة بزيادة عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس. نحن نضع رؤى قابلة للتنفيذ في أيدي صانعي السياسات لمساعدتهم على إنقاذ حياة الشباب.
ربما تعلمون بالفعل أن العديد من المنظمات قامت بتصنيف جامعة الآغا خان من بين أفضل الجامعات في العالم في مجال الصحة العامة. لكن ربما لا تعلمون أننا حصلنا على هذا الشرف بشكل أسرع من أي جامعة خاصة أُخرى في العالم بأسره. تم تصنيف فقط جامعة واحدة لا يتجاوز عمرها 50 عاماً إلى جانبنا.
بينما نقف هنا على طريق الملعب، لا يسعني إلا أن أتذكر أن هذا الحرم الجامعي كان ذات يوم قطعة أرض مغبرة ومهملة في ضواحي كراتشي. انظروا إليها الآن! يمكننا أن نحوّل الصحراء إلى حديقة مزهرة من خلال العقل والتفاؤل، وبفضل إمكانات الخريجين، الذين يرتدون زيّ الجامعة: الأخضر المطرّز باللون الذهبي اللامع.
كيف وصلنا إلى هذا المكان خلال 40 عاماً فقط؟ أجيب وبدون تردد أن ذلك حصل بفضل رؤية المؤسس والمستشار، سمو الآغا خان.
وصلنا لذلك من خلال رؤيته لجامعة توفق بين الولاء للمعايير الدولية وتقديم الخدمات للمحتاجين. وهذا يوضّح أن العلم ليس ملكاً لثقافة واحدة، بل للإنسانية جمعاء. وهذا يُعد خريجيها لتوظيف المعرفة لتحديد المشكلات وحلها، وهي مهمة تبنّاها بالفعل خريجو دُفعة عام 2022.
وبفضل تفاني سموّه الفريد في جعل تلك الرؤية حقيقة، بغض النظر عن العقبات التي واجهناها، نتواجد اليوم لنشهد هذا اليوم المميّز. ولأسباب وجيهة، فإن اليوم الذي نخصصه كل عام للتفكير في مهمة الجامعة وإنجازاتها يسمى يوم استلام الميثاق.
لكن، بالطبع، لم يُكتب تاريخ جامعة الآغا خان بيد واحدة. عندما اقترحنا على سموّه إنشاء يوم سنوي للاحتفال بذكرى استلام الميثاق، سارع بالقول: فليكن احتفالاً أيضاً بالعديد من الأفراد البارزين، الذين جعلوا جامعة الآغا خان على ما هي عليه.
لذلك أسأل مرة أُخرى: ما الذي جعل نجاح جامعة الآغا خان ممكناً على مدى العقود الأربعة الماضية؟ حدث ذلك بفضل أولئك الذين أخلصوا في عملهم لدفع مكانة الجامعة نحو الأمام، وهم عائلة جامعة الآغا خان المنتشرة حول العالم، وبعبارة أُخرى: أنتم جميعاً.
تضم عائلة جامعة الآغا خان هيئة التدريس، التي تُثري بتعليمها حياة الشباب، وكادرها الصحي، الذين تُوكل إليهم مهمة الاهتمام بصحة الملايين، وطلابها الذين يجسدون الوعد، وخريجوها، الذين تشهد إنجازاتهم على قوة التعليم العظيم.
كما تضم عائلة جامعة الآغا خان المتبرعين، الذين يدفعنا كرمهم نحو آفاق جديدة من التميّز، ومتطوعونا، الذين يخصصون مواهبهم ووقتهم ومعرفتهم، وهذه هبة لا تُقدر بثمن، إضافةً إلى الشركاء، الذين نسعى معهم لتحقيق أهداف مشتركة قائمة على القيم المشتركة.
أقول لجميع أعضاء مجتمع جامعة الآغا خان: شكراً جزيلاً لكم. أود أيضاً أن أُوجه الشكر لحكومة إقليم السند وحكومة باكستان، اللتين أدركتا إمكانات الجامعة منذ البداية، إضافةً إلى أن البيئة التمكينية، التي أوجدتها الجامعة، تُعتبر شرطاً مسبقاً لنجاحنا.
بفضل جميع الداعمين، ستكون السنة الأربعون لجامعة الآغا خان من بين أكثر الأعوام تحولاً في تاريخها، حيث ستولد جامعة جديدة، لكن ماذا سيكون شكلها؟
سيكون لها بوصلة أوسع، وتتمتع بقدرات جديدة في العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم الطبيعية. سيكون مجالها أكبر وأكثر عالمية، مع برامج ومرافق جديدة رئيسية في شرق إفريقيا. وستلقى الاعتراف والتقدير بشكل متزايد عالمياً نتيجةً لما تقوم به من أبحاث وتقدّمه من منح دراسية متطورة. ومع ذلك، ستبقى متجذّرة بعمق في سياقاتها المحلية، وملتزمة بشدة بتقديم الخدمات للمحرومين.
سترحب كلية الآداب والعلوم الجديدة في كراتشي بعد بضعة أشهر فقط من الآن بفصلها الأول، حيث سيقوم الطلاب في الكلية بدراسة مجتمعات آسيا والشرق الأوسط، وتحديات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأسس الحياة الخلوية (العمليات الخلوية للكائنات الحية على مستوى الجزيء) وعلم الاحتباس الحراري. سوف يستكشفون الأسئلة الكبيرة: من أنا وماذا أريد أن أكون، وكيف سيبدو المجتمع العادل؟ مهما كانت المهنة التي يرغبون في اختيارها، سيكون خريجو كلية الآداب والعلوم مستعدين للمنافسة والتعاون مع أفضل اللاعبين في العالم.
كما ستحصل تغييرات كبيرة في جامعة الآغا خان في شرق إفريقيا، حيث تتمتع المنطقة بفرصة تاريخية للوصول لحياة أطول وأكثر صحة لشعبها. ستعمل درجات البكالوريوس الجديدة لدينا في التمريض والطب والجراحة على إعداد الموهوبين من الشابات والشباب لاغتنام هذه الفرصة.
ستبدأ الدراسة في وقت لاحق من هذا العام في كينيا وتنزانيا. بينما سيتعلم الطلاب في أوغندا في حرمنا الجامعي الجديد، الذي تبلغ مساحته 60 هكتاراً في كمبالا، وحيث بدأت بالفعل أعمال بناء مركزنا الأكاديمي ومقر سكن الطلاب. سنبدأ في العام المقبل ببناء مستشفى جامعة الآغا خان الجديد، الذي سيبدأ بـ 100 سرير وسينمو مع مرور الوقت.
هذه ليست سوى مجموعة بسيطة من ضمن الكثير من المبادرات، التي ستساهم في تعزيز مكانة جامعة الآغا خان الأكثر إشراقاً.
أيها الخريجون، لقد تحدثت عن جامعة الآغا خان باعتبارها الجامعة القادرة على تحقيق تغييرات إيجابية، وأهم شيء يمكن أن تفعله الجامعة هو إرسال أفراد مثلكم إلى العالم. تمتلكون الكثير من الطاقة للقيام بأشياء عظيمة. يمكنكم أن تجلبوا نور المعرفة ونعمة الشفاء للأشخاص والأماكن، التي هي بأمس الحاجة لذلك.
سيأتي البرهان على ما أقوله خلال بضع دقائق، عندما نقوم بتوزيع الشهادات في ذكرى يوم استلام الميثاق. كما تعرفون، لقد غيّر زملاؤكم الخريجون الروّاد كباحثين ومعلمين وأطباء وقادة حياة أعداد لا تحصى من الناس. لذلك، لا تشكّوا أبداً للحظة بمقدراتكم، ولا تشكوا أبداً في أنه خلال المناسبات القادمة للاحتفال بيوم استلام الميثاق، قد تكونوا أنتم من ساهم بتحقيق إنجازات رائعة، وسنذكر أسماءكم ونوجّه لكم التحية والشكر على ما حققتموه من تأثير.
الزملاء والأصدقاء، بينما نحتفل سنوياً بيوم استلام الميثاق مع تخريج عدة آلاف من الخريجين، تبقى مهمتنا الواضحة ورؤيتنا التأسيسية توحدنا جميعاً.
ونحن نرى كل ما حققناه، نسأل أنفسنا أنه بوجود مثل هذه الأسس القوية للبناء عليها، ما هي الأعمال الفذة، التي يمكننا تحقيقها في السنوات المقبلة؟ لننطلق جميعاً للمضي قُدماً.
شكراً جزيلاً لكم.