كلمة ألقاها الرئيس سليمان شهاب الدين, نيروبي، كينيا · 26 فبراير 2022 · 5 دقائق
مستشارنا صاحب السمو الآغا خان،
الأميرة الزهراء آغا خان،
ضيف الشرف الدكتور بيتر كالموس،
ضيف الشرف الدكتور بيتر ماتوكي، الأمين العام لمجموعة شرق إفريقيا،
رئيس مجلس الإدارة ذاكر محمود، وأعضاء مجلس أمناء جامعة الآغا خان،
رئيس مجلس الإدارة مويز عليبهاي، وأعضاء مجلس جامعة الآغا خان في كينيا،
وكيل الجامعة والعمداء والقيادات وأعضاء هيئة التدريس والموظفون وخريجو الجامعة،
المانحون الكرام والشركاء المحترمون،
الضيوف الكرام وأفراد الأُسر،
وخريجونا الذين يشكّلون أهميةً كبرى،
السلام عليكم، مساء الخير لكم جميعاً.
يا له من يوم استثنائي! يسعدني ويغمرني شعورٌ عظيمٌ بالشرف لاختياري لتولي منصب رئيس الجامعة ونائب المستشار من قبل مستشارنا صاحب السمو الآغا خان. تُمثّل هذه الميدالية رمزًا عظيمًا للمسؤولية الجسيمة التي أحمّلها على عاتقي. لقد تأثرت بالثقة التي أولاها لي سموّه، وألزمتني ببذل قصارى جهدي لأكون على قدرٍ عالٍ من المسؤولية وأتبوأ هذا المنصب بكلّ كفاءةٍ واقتدار.
أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن خالص امتناني للأميرة الزهراء على تشريفنا بحضورها. كلماتها المُلهمة عن المستقبل المشرق لخريجينا وجامعتنا أضافت بريقًا خاصًا إلى هذا اليوم المُميّز. أشعر بحماسٍ كبيرٍ للفرصة التي مُنحت لي لمواصلة تحقيق رؤية مستشارنا صاحب السمو الآغا خان، ودور جامعة الآغا خان (AKU) كقوةٍ فاعلةٍ في سبيل تحقيق المزيد من الخير في العالم، من خلال الإمكانات المذهلة لخريجينا المستقبليين.
أعود بذاكرتي إلى حفل تخرج ابنتي أنجيا من كلية الطب بجامعة الآغا خان، حيث كنتُ برفقة زوجتي زينات، خريجة كلية التمريض والقبالة. في تلك اللحظة، لم أتخيل حينها أنني سأقف على هذه المنصة بعد بضع سنوات، بينما تُشارك زوجتي وابنتي وابني باسم في مشاهدة فعاليات هذا الحفل.
منذ دخولي حرم جامعة الآغا خان لأول مرة كمسؤول مشتريات شاب في عمر 22 عامًا، حاملًا للتو شهادة ماجستير إدارة الأعمال، لم أتخيل أبدًا أنني سأعود يومًا ما إلى هذه الجامعة لأتولى منصبي الحالي.
ولكنّ هذا المسار يُجسّد بوضوح التحولات التي تسهم جامعة الآغا خان في تحقيقها.
أيها الخريجون الأعزاء، تُمثلون اليوم رحلةً فريدةً من نوعها، حيث اتخذ كلٌّ منكم طريقه الخاص نحو النجاح. فمنكم من يُشكل أول شخص يلتحق بالجامعة في عائلته، بينما يواصل آخرون تقاليد عائلية عريقة من خلال دراسة نفس تخصص آبائهم أو أمهاتهم (معلمين أو ممرضين/ممرضات أو أطباء). وبالنسبة للبعض منكم، شكّل حرمنا الجامعي أول منزلٍ لكم بعد مغادرة منزلكم، بينما مثلت جامعة الآغا خان للآخرين عودةً إلى الأوساط الأكاديمية بعد سنوات من العمل.
أودّ أن أتوقف للحظة عند رحلاتكم الفردية، تلك اللحظات التي واجهتم فيها الشكّ لأول مرة. لحظاتٌ مثل تلك التي تلقيتم فيها ورقة امتحانٍ مليئةً بالأسئلة والتعليقات، وفكرتم في أنفسكم "لدي عملٌ لأقوم به!" في تلك اللحظات، انبثقت ثقتكم بأنفسكم، سواء كنتم في ذلك اليوم في الفصل أو في غرفة الأخبار أو في المكتبة أو في العيادة. لقد حققتم مستوى جديدًا من الفطنة والتميّز.
أودّ أيضًا أن أعترف بأنكم جزء من مجموعةٍ استثنائيةٍ من الخريجين تمتد عبر ثلاث قارات. بصفتكم أعضاء في دُفعة عام 2021، فقد كوّنتم علاقاتٍ دائمة، ودعمتم التطوير الأكاديمي عند بعضكم البعض، وتعهدتم بالتزامٍ مشتركٍ بتقديم المساعدة للمحتاجين.
والآن، أنتم على أهبة الاستعداد لترك بصمتكم على مهنتكم والعالم.
يمثل هذا اليوم لحظةً فارقةً في مسيرة خريجينا، حيث يبدؤون رحلةً جديدةً في حياتهم المهنية. في الوقت نفسه، تمرّ جامعة الآغا خان بفترةٍ انتقاليةٍ في القيادة، لكنّ هذا التغيير لا يعني بأي حالٍ من الأحوال تغييرًا في المبادئ التوجيهية للجامعة.
ما زلنا نؤمن إيمانًا راسخًا بقوة المعرفة في حلّ أكبر مشاكل البشرية. ونؤمن أيضًا بأنّ جامعة الأغا خان، بصفتها مُبتكرًا قويًا وناشرًا للمعرفة، يمكنها تقديم مساهماتٍ استثنائيةٍ في تحسين نوعية حياة الناس في إفريقيا وآسيا وخارجها.
كما قال مستشارنا، صاحب السمو الآغا خان، لخريجي دُفعة عام 1994: "عندما تُحقق الجامعة أفضل حالاتها، تُصبح مُرتبطةً ارتباطًا وثيقًا برفاهية المجتمع الذي تُوجد فيه. بينما تستقبل المعرفة من مختلف أنحاء العالم، تُوظّف هذه القاعدة الفكرية لحلّ المشكلات الملحة التي تواجه العالم على المستويين المحلي والعالمي".
وهذا بالضبط ما تفعله جامعة الآغا خان، وسأشرح كيفية القيام بذلك:
ففي إطار شراكتها مع جامعة ميشيغان، تُستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي المتطوّر لتحديد الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بأمراضٍ صحيةٍ في المستقبل في شرق إفريقيا. ولا يقتصر إيماننا بإمكانات هذا المشروع على نطاقٍ داخليٍ فقط، بل حظي المشروع بدعمٍ كبيرٍ من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، حيث تمّ تمويله بمبلغٍ يزيد عن 6 ملايين دولار أمريكي.
في باكستان، نجحت جامعة الآغا خان في خفض معدلات الوفيات عند حديثي الولادة بأكثر من 15% في ثماني مناطق ريفية يقطنها 14 مليون شخص. لقد تحقق هذا الإنجاز من خلال مشاركة الجامعة لمعرفتها مع مئات المرافق الصحية العامة والخاصة وآلاف من العاملين الصحيين المجتمعيين.
يُجري باحثو جامعة الآغا خان أبحاثًا رائدةً في مجالاتٍ متنوعةٍ، تشمل: استخدام علوم الخلايا الجذعية وتحرير الجينات لتطوير علاجات جديدة لاضطرابات الدم والسرطانات مثل اللوكيميا. تحليل درجات الاختبار لـ 15 ألف طالبة وطالب لتحديد العوامل التي تُحسّن الأداء في الرياضيات والعلوم. بالإضافة إلى إجراء دراسات حول الجهود المحلية لحماية حقوق الأقليات في البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
كما أوضحت الأميرة الزهراء سابقَا، نعمل على خفض انبعاثات غاز الكربون لدينا، ونُخطط لأن نكون إحدى الجامعات القليلة في العالم التي تحقق الحياد الكربوني. يُعدّ هذا هدفًا طموحًا يتطلب ابتكارًا هائلاً، لكننا ملتزمون بتحقيقه، إلى جانب تقديم المساعدة للجامعات الأخرى من أجل السير على خطانا.
نُخطط خلال السنوات القادمة لإطلاق برامج جديدة لتعليم الطب والتمريض للطلاب الجامعيين في شرق إفريقيا. كما سنقوم ببناء مركز جامعي جديد ومستشفى في كمبالا، عاصمة أوغندا. وإضافةً إلى ذلك، سنفتتح كلية الآداب والعلوم في كراتشي، باكستان، لإعداد الشباب والشابات ليكونوا قادة يتمتعون بتعليمٍ فريدٍ يشمل العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية والفنون.
مع اقتراب جامعة الآغا خان من الذكرى الأربعين لتأسيسها، تُظهر هذه الأمثلة التزامنا الراسخ برؤيتنا التأسيسية، وتصميمنا على مواجهة التحديات الجديدة بجرأة وإبداع.
أودّ أن أعرب عن خالص امتناني لكل من ساهم في تحقيق نجاح جامعة الآغا خان، بدءًا من صانعي السياسات الذين يُسهمون في خلق بيئةٍ مواتيةٍ لعملنا، وعلى رأسهم ضيف الشرف، الأمين العام لمجموعة شرق إفريقيا الدكتور بيتر ماتوكي. كما أشكر الجهات المانحة والمتطوعين والخريجين والشركاء السخيين، بما في ذلك شركاؤنا من الوكالات التابعة لشبكة الآغا خان للتنمية. لقد كان من دواعي سروري خلال الأشهر الأولى من توليّ المنصب التعرف على أفراد أسرة جامعة الآغا خان والعمل معهم.
سيداتي وسادتي، إنّ خريجينا هم أكبر مساهمةٍ تقدّمها جامعة الآغا خان للبلدان التي نخدمها.
أيها الخريجون، لقد سار أسلافكم على نفس الممرات والساحات التي تسيرون عليها اليوم، وتعلموا في نفس العيادات والفصول الدراسية. لقد ارتدوا نفس اللون الأخضر والذهبي الذي ترتدونه اليوم، ويُثبتون يوميًا مدى قوة التعليم الذي تلقوه في جامعة الآغا خان.
يُؤسس خريجو جامعة الآغا خان المدارس والعيادات في المجتمعات المحرومة، ويحصلون على اعترافٍ دوليٍّ في التدريس والأبحاث والقيادة. يُقدّمون خدماتٍ للحكومة ومساهماتٍ في رسم السياسة العامة، ويُطلقون مشاريع ناشئة عالية التقنية، ويُؤلّفون شعرًا حائزًا على جوائز. يُعتبر خريجو جامعة الآغا خان السابقين من بين أعظم القادة والعلماء والممارسين لدينا، ويُثبت سجلهم أنّ بإمكانكم تحقيق طموحاتكم الأكثر جرأة.
لا يُشكل حفل اليوم نهايةً، بل هو بدايةٌ لرحلةٍ جديدةٍ مليئةٍ بالتحديات والإنجازات، لقد حان الوقت الآن لأن تُظهروا للعالم ما يمكن أن يفعله خريجو جامعة الآغا خان.
شكراً لكم.