تحتل شمال باكستان مكانة استثنائية بفضل لقاء سلاسل جبال الهيمالايا وكاراكوروم وهندو كوش الساحرة، ولكن وراء هذه الجبال الرائعة، تتجلى حقيقة قاسية لسكان المنطقة البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة، إذ تعد المياه مورداً نادراً للغاية. لهذا السبب، يُعرف هذا الجزء من البلاد بالنسبة للكثيرين بـاسم "الصحراء العمودية".

تواجه المجتمعات المحلية في جيلجيت-بلتستان وشيترال مجموعة من التحديات الناجمة عن نقص المياه. فالصعوبات التي يواجهونها في الوصول إلى مياه الشرب النظيفة تؤدي إلى مشاكل صحية، كما أن عدم القدرة على ري المحاصيل يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي. تتفاقم هذه المشاكل بسبب نقص الفرص الاقتصادية الناجم عن عدم القدرة على زراعة المحاصيل النقدية (المحاصيل التي يتم زراعتها وتسويقها بغرض الحصول على أرباح نقدية) أو الأشجار لأغراض البناء، مما يجعل بعض المجتمعات، وخاصة النائية منها، حبيسة دائرة الفقر. وتزداد هذه التحديات بسبب التغيّر المناخي المتزايد في المنطقة.

يتعاون برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية (AKRSP) مع آلاف المجتمعات في جميع مناطق جيلجيت-بلتستان وتشيترال لمعالجة هذه المشكلة الحرجة. وعلى مدى الأربعين عاماً الماضية، قامت تلك المجتمعات بتشييد أكثر من 1,500 قناة ري، وذلك لسقي أكثر من 209,932 فدانًا من الأراضي، ما يعادل 112,866 ملاعب لكرة القدم. واستفادت أكثر من 120,000 أسرة من هذه الجهود، وتمكنوا بفضلها من الوصول إلى المياه النظيفة والأراضي الصالحة للزراعة.

من اللافت للنظر أن الأغلبية العظمى من هذه القنوات تم حفرها وبناؤها يدوياً باستخدام المجارف والفؤوس. لكن في الوقت الحالي، يتم استخدام الجرافات وآلات الحفارات في الأماكن التي يمكن الوصول إليها بسهولة، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال القنوات تحفر يدويًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها. تقوم المجتمعات نفسها بحفر القنوات بمساعدة تقنية ومادية من مهندسي برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية.

تم تحسين الأمن الغذائي وتقليل التآكل بسبب زراعة الأشجار، كما ظهرت فرص اقتصادية جديدة نتيجة لهذه الجهود المبذولة. شجعت مبادرات التنمية المستدامة المشاركة المجتمعية ومكَّنت الناس من تحمُّل مسؤوليات مستقبلهم.

رغم المكاسب التي تم تحقيقها، إلا أن هناك تهديداً متزايداً لها من شبح التغيّر المناخي. وتزداد أهمية الحاجة إلى إدارة المياه بشكل مستدام في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس غير المتوقعة، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى المياه. لذلك، يعمل برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية على استكشاف الأساليب المبتكرة لإدارة المياه، وعلى سبيل المثال، أنظمة الري بالرفع بالطاقة الشمسية/الكهربائية للمزارع الكبيرة، والتي يمكن أن تزيد من استخدام الموارد المائية المتاحة وتقليل النفايات.

تم زراعة 132,000 شجرة في المنطقة حتى الآن باستخدام تقنية الري بالرفع بالطاقة الشمسية بمساعدة من برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية. يهدف البرنامج إلى تطوير 78 مشروعًا للري بالرفع بالطاقة الشمسية/الكهربائية لزيادة عدد المزارع المستفيدة. مع التزامه المستمر بالابتكار والمشاركة المجتمعية، يسعى برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية إلى تطوير نهجه في إدارة المياه والوصول إليها، وذلك لضمان قدرة المجتمعات على توفير هذا المورد الحيوي في المستقبل.

شاهد المقال الأصلي والمزيد من الصور على موقع مؤسسة الآغا خان في المملكة المتحدة.