مؤسسة الآغا خان
سوريا · 19 يونيو 2023 · 3 دقائق
في قلب الأزمة السورية، حيث تكاد الأحلام أن تتلاشى بسبب صعوبات الحياة، قررت ميساء، امرأة شابة من قرية عقارب في محافظة حماة، أن تكسر قيود الواقع. ولدت ميساء وهي تعاني من إعاقة تحول دون قدرتها على المشي، لكنها لم تدع هذه الصعوبات تقف في طريقها. بإصرارها القوي وموهبتها الفطرية ودعم عائلتها، أسست ميساء مشروع أزياء ناجح، أعاد الأمل والازدهار إلى مجتمعها.
منذ صغرها، كانت ميساء عاشقة للخياطة وتصميم الأزياء. كانت تقضي ساعات طويلة في رسم ملابسها المفضلة، وسرعان ما تطورت موهبتها الطبيعية في الرسم. لاحظت والدتها، الخياطة الماهرة، موهبة ابنتها، وشجعتها على تنمية مهاراتها. مع مرور الوقت، أتقنت ميساء فن الخياطة وتصميم الأزياء، وأصبحت معروفة بتصميماتها الأنيقة واهتمامها بأدق التفاصيل. انتشرت أخبار عملها بسرعة، وبدأ الناس من جميع أنحاء سوريا يطلبون خدماتها لصناعة ملابس مخصصة وإصلاح الملابس المستعملة أو تجديدها.
ومع ذلك، لم تكن طموحات ميساء تقتصر على النجاح المالي فحسب. في بلد تعاني فيه العديد من الأُسر تكاليف شراء ملابس لأطفالها، رأت ميساء في هذه الظروف فرصة لتقديم اسهام إيجابي في مجتمعها. بدافع من روح التعاطف والمساهمة الاجتماعية، بدأت في تحويل الملابس القديمة إلى ملابس عصرية بأسعار معقولة للشباب. استطاعت ميساء بأسلوبها المبتكر في تصميم ملابس مستدامة للأطفال، أن تحظى بتقدير كبير داخل قريتها، وسرعان ما انتشرت شهرتها في جميع أنحاء سوريا.
في عام 2022، شاركت ميساء في اجتماع لجنة قرية عقارب. تعرفت لأول مرة على برنامج "المشاريع الإنسانية الصغيرة" الذي تديره مؤسسة الآغا خان. نظرًا لاهتمامها الشديد بتطوير أعمالها ودعم مجتمعها بشكل أوسع، قررت تقديم طلب للمشاركة في البرنامج، على أمل أن يتم اختيار مشروعها للحصول على الدعم.
أعرب أعضاء برنامج "المشاريع الإنسانية الصغيرة" عن إعجابهم الشديد بروح ميساء المثابرة. بناءً على إمكانات مشروعها وتأثيره الإيجابي المحتمل على المجتمع، قدمت مؤسسة الآغا خان لميساء منحة مالية لدعم مشروعها. هذه المساعدة المالية مكنتها من شراء معدات احترافية وحديثة، وأيضًا نظام للطاقة الشمسية لتمديد ساعات العمل وتقليل تكاليف التشغيل. بالإضافة إلى ذلك، تلقت تدريبًا متخصصًا يهدف إلى توسيع نطاق خدماتها وتلبية الطلب المتزايد على تصاميمها المستدامة والعصرية.
نتيجة لهذا الاستثمار، ارتفعت أرباح ميساء الشهرية بنسبة تصل إلى 185%. وكان لهذا التحسين تأثيرًا كبيرًا على حياتها وحياة عائلتها. حاليًا، تستطيع شراء الأطعمة الغذائية الصحية والأدوية الضرورية لعلاج آلام الأعصاب التي كانت تعاني منها، والتي كانت تعجز عن تحمل تكاليفها العالية في السابق.
منذ بداية النزاع في سوريا، شهد الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفاضًا كبيرًا، حيث انخفض من 60.2 مليار دولار في عام 2010 إلى حوالي 21.5 مليار دولار في عام 2020. وارتفع معدل البطالة بنسبة 50%، وشهدت البلاد ارتفاعًا بنسبة 245% في متوسط أسعار السلع الأساسية المطلوبة. هذا الوضع الاقتصادي الصعب يجعل من الصعب للغاية على الناس مثل ميساء بدء أعمالهم التجارية أو الاحتفاظ بها.
وفي هذا السياق الاقتصادي الصعب، يهدف برنامج مؤسسة الآغا خان إلى تمكين رواد الأعمال السوريين من خلال المنح والتدريب والخدمات الاستشارية المالية والفنية. يضاف إلى هذا الوضع، صعوبة ضمان امتثال جميع هذه الأنشطة للعقوبات الدولية المفروضة على سوريا، والتي تحظر المعاملات مع الأفراد أو الكيانات المدرجة في القائمة، وتتطلب أن تركز أي مبادرة مساعدات بشكل ضيق على آليات الاستجابة للأزمة الإنسانية. حتى الآن، استفاد أكثر من 900 شخص من مبادرة مؤسسة الآغا خان، مما ساعد على تحسين صمود الاقتصادات المحلية في مواجهة الكارثة الإنسانية المستمرة، وإحياء الأمل في المنطقة التي كان عليها مواجهة تحديات صعوبات لا يمكن تصورها.
تعتبر قصة ميساء منارة للإلهام وشهادة على قوة الصمود. بينما تستمر في نسج سحرها في عالم الموضة، أصبحت ميساء مثالًا حيًا للروح الإنسانية التي لا تنكسر، وأثبتت مدى إمكانية تحقيق الأشياء بواسطة التصميم والعاطفة ولمسة من الأمل.