بينانغ، ماليزيا، 9 يوليو 2024 - بمناسبة يوم التراث في جورج تاون، افتتح رئيس وزراء بينانغ، ياب توان تشاو كون يو، رسميًا الخندق الجنوبي لحصن كورنواليس المُعاد تأهيله، ليُعيد إحياء مساحة مفتوحة مهمة إلى سكان هذه المدينة التجارية النابضة بالحياة ومتعددة الثقافات. تُعدّ هذه المبادرة ركيزة أساسية ضمن مخطط الواجهة البحرية الشمالية لجورج تاون، والذي تمّ إعداده من قبل شركة جورج تاون للحفاظ على التراث والتنمية، وهي مبادرة مشتركة بين رئيس وزراء بينانغ إنكوربوريتد وشركة التطوير الحضري "ثينك سيتي"، بالتعاون مع صندوق الآغا خان للثقافة (AKTC) كاستشاري فني.
يُعد تراث جورج تاون الفريد متعدد الثقافات ومبانيها التاريخية المحفوظة بعناية، والتي باتت شبه مندثرة في مدن جنوب شرق آسيا الأُخرى مثل سنغافورة وهونغ كونغ، تجعل من المدينة موقعًا مثاليًا لبرنامج المدن التاريخية التابع لصندوق الآغا خان للثقافة (AKTC). عقب التوقيع على مذكرة التفاهم عام 2013، شرع صندوق الآغا خان للثقافة في تعاون وثيق مع المؤسسات المحلية، سعيًا للاستفادة من إدراج المدينة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو والازدهار السياحي المتنامي فيها. ويركز هذا التعاون على تعزيز جهود الحفاظ على الأصول الثقافية، باعتبارها الركيزة الأساسية للتجديد الحضري المستدام.
ظلّ خندق حصن كورنواليس، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، مدفونًا لأكثر من قرن. هذا الخندق، الذي كان يحيط بحصن كورنواليس الشهير في بينانغ، يشهد الآن عملية إعادة تأهيل شاملة على طول جانبيه الجنوبي والغربي. تأتي هذه الجهود الحثيثة بعد إعادة تأهيل كورنيش الجدار البحري (ممشى المنتزه)، الذي اكتمل في عام 2022 وحصل على جائزة مشروع العام 2024 من معهد ماليزيا لمهندسي المناظر الطبيعية. يهدف ترميم الخندق الجنوبي إلى تعزيز الواجهة البحرية الشمالية بشكل أكبر، والتي تمّ تحديدها كمنطقة محمية ذات أولوية ضمن موقع التراث العالمي التابع لليونسكو في جورج تاون.
ياب توان تشاو كون يو، رئيس وزراء بينانغ
تاريخ الخندق
شُيّد خندق حصن كورنواليس في عام 1804 من قبل شركة الهند الشرقية، كإجراء دفاعي هام خلال موجة الحروب النابليونية. وتُؤكّد الدراسات التاريخية والأثرية على الأهمية التاريخية البالغة لهذا الخندق، حيث أكدت التنقيبات الأثرية الحديثة على هيكله الأصلي المُحافظ عليه بعناية. ولكن في عام 1921، تمّ ردم الخندق جزئيًا لأسباب صحية تتعلق بتفشي مرض الملاريا، بالإضافة إلى رغبة السلطات آنذاك في تسهيل عملية هدم الحصن. وبعد مرور فترة قصيرة على ردمه، كشفت الفيضانات التي اجتاحت الميدان عن دورٍ حيويٍّ لم يكن متوقعًا للخندق، حيث عمل كخزانٍ احتياطيٍّ للمياه، مانعًا فيضانها من التأثير على ساحة بادانغ والفناء الداخلي المنخفض للحصن.
الحفظ وأثره
تُمثّل السياحة عصبًا حيويًا لاقتصاد بينانغ، وتُعدّ مكانتها المميزة كموقع للتراث العالمي لليونسكو عامل جذب رئيسي. لذلك، يكتسب التخطيط الشامل لمنطقة التراث بأكملها أهميةً قصوى، حيث يأخذ بعين الاعتبار حركة الزوار والأنشطة التجارية إلى جانب الحفاظ على الموقع. إن حصن كورنواليس بدون خندقه يُشبه لوحةً فنيةً ناقصة. لذا، تأتي إعادة تأهيل الخندق لتُكمل السرد التاريخي للنصب التذكاري للأجيال القادمة، مما يتيح للسكان المحليين والزوار على حدٍّ سواء فرصةً للتواصل العميق مع تراث بينانغ الثري. بالإضافة إلى ذلك، يُساهم إحياء الخندق في توسيع المساحة العامة وتوفير المزيد من المرافق في منطقة الساحة المركزية.
يعزز الخندق المُعاد تأهيله نهج بينانغ البيئي في التصميم العمراني. فإلى جانب كونه عنصرًا تاريخيًا مهمًا، تشكل المساحة المائية الجديدة والمناظر الطبيعية المحيطة بها ملاذًا أخضر متنوعًا بالحياة الفطرية في قلب المنطقة التاريخية، مما يساهم في خفض تأثير جزيرة الحرارة الحضرية. كما يعمل هذا الخزان، الذي تبلغ مساحته 4,000 م²، على تحسين تصريف المياه في الميدان القريب، بالإضافة إلى تقليل مخاطر الفيضانات خلال الأمطار الغزيرة. علاوة على ذلك، تساعد المرشحات الطبيعية والمستنقعات النباتية على الحد من خطر الأمراض الناتجة عن المياه الراكدة، وهي المشكلة التي استدعت سابقًا ردم الخندق.
فرانشيسكو سيرافو، صندوق الآغا خان للثقافة
الخطوات التالية
يسير ترميم الخندق الغربي بخطى ثابتة ليكتمل في فبراير 2025. وستبلغ الاستثمارات الإجمالية في حصن كورنواليس 30 مليون رينغيت ماليزي (أي ما يعادل 6.4 مليون دولار أمريكي) بفضل مساهمات مشتركة من حكومة ولاية بينانغ، وثينك سيتي، وياياسان حسنة. يُعدّ هذا المشروع جزءًا من برنامج شامل لتحسين الواجهة البحرية الشمالية، يضمّ 14 مشروعًا بتكلفة إجمالية تصل إلى 150 مليون رينغيت ماليزي (31.8 مليون دولار أمريكي). ويهدف البرنامج إلى إبراز فوائد اعتماد نهجٍ ثقافي لِتنمية موارد التراث والبيئة الثمينة في جورج تاون، بما يُساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.