AKDN / Laughters Photography
تخرّجت برودنس هاينغا (من كيسومو) ووليام بايا (من منطقة جانزي الريفية في كينيا) من أكاديمية الآغا خان في مومباسا عام 2018، ويعيش كلاهما وسط بيئةٍ متواضعة، ويُعتبران الوحيدين من أسرتيهما القادرين على متابعة دراستهما الجامعية في الخارج.
وفي معرض حديثه عن رؤيتِه حول أكاديميات الآغا خان، قال سمو الآغا خان: "أعتقد على نحو عميق أنه إذا أُريد للبلدان النامية النجاح بتحديث اقتصاداتها وتحقق مستويات معيشة مماثلة للغرب، فيجب ألّا نركّز فقط على وصول التعليم للأغلبية أو حتى لجميع السكان، إنما أيضاً يجب علينا توفير فرص التعليم وفق أعلى المعايير الدولية للطلاب المتفوقين المتميزين عن أقرانهم. ولا بد من الانتباه أن الطلاب ليسوا جميعاً على سويةٍ فكريةٍ واحدة، حيث إن أعداد الأفراد المتميزين كبيرة في العالم النامي كما في أي مكان آخر، سواء في المدن أو الريف، وما يثير الحزن أن الكثيرين في العالم النامي لا يحصلون أبداً على فرصة لتحدي عقولهم وتوسيعها وتطويرها إلى كامل طاقاتها، لذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين لإنشاء مؤسسات تعليمية تساعدهم في مضاعفة إمكانات الدراسة والتعلم والعمل وفق أعلى المستويات الفكرية الدولية".
وفي هذا السياق قام بول ديفيس، عميد القبول والمساعدات المالية في أكاديمية الآغا خان في مومباسا، بالإشراف على برنامج التعرف على المواهب في الأكاديمية على مدار السنوات العشر الماضية، حيث يقوم البرنامج بالتعرف على "مبدعي المصير" للطلاب في السنة السادسة للمدارس الحكومية، من المناطق الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية الأقل حظاً في كينيا، الذين يتمتعون بالكفاءة الأكاديمية ولديهم الإمكانية للقيادة، حيث يقدم لهم البرنامج الدعم المالي الكامل للتسجيل في الأكاديمية. بعد ذلك تقوم الأكاديمية بتوجيههم ورعايتهم خلال سنوات دراستهم الثانوية ليصبحوا "مبدعي المصير" في حياتهم ومجتمعاتهم.
التقى بول مع وليام، الطالب في مدرسة فايتنجيني الابتدائية، لأول مرة عام 2011، بينما كان يقود تقييمات تحديد المواهب في مناطق كينيا الريفية. وقد أظهر وليام صفات الريادة كقائد كشاف وطالب مدرسة مسؤول، ما جعل مدرسته تعتبره طالباً قياديّاً ذا إرادة. كان يظر تصميه على العمل الجاد في الحياة ليتمكن من تحقيق أهدافه، وكان شعاره في ذلك الوقت "دائماً في المقدمة، لا تراجع أبداً". ساهمت إرادة وليام الذاتية خلال السنوات الست في الأكاديمية في حصوله على منحة كاملة للانتساب إلى جامعة "واشنطن أند لي" في الولايات المتحدة. وقد أعرب والد وليام عن فخره لدى سماعه ذلك، وقال: "قامت أكاديمية الآغا خان في مومباسا بتغيير حياة ولدي، وإنني أتطلع إلى اللحظة التي يرجع فيها ليعمل لصالح المجتمع ويسدد ما قدمته له مؤسسة الآغا خان".
وقد كانت ثقافة الأكاديمية الشاملة إحدى العوامل التي لفتت نظر بول حين تقدم لقيادة برنامج "تحديد المواهب" للمرة الأولى، وباعتباره من الطبقة العاملة، فقد كان مدركاً لأهمية القدرة على الوصول إلى التعليم الثانوي والعالي. وفي الوقت نفسه كوّن تصوّراً ذهنيّاً عن المدى الذي سيصل إليه نجاح برنامج "تحديد المواهب" في الأكاديمية، حيث أمضى ليالي كثيرة يُفكر بمستوى البرنامج وأهميته ونطاق عمله، وقد أشار أن "رؤية سمو الآغاخان تتجسد في أن هؤلاء الطلاب عندما يتخرجون سيكونون مبدعين في إجراء تغييرات في مجتمعاتهم المحلية". وتلقى هذه الإشارة من بول مزيداً من الفهم لمدى شعوره بالمسؤولية الكبيرة تجاه العمل لتحقيق رؤية سمو الآغا خان.
وجاءت برودنس هاينغا أيضاً إلى الأكاديمية عبر برنامج تحديد المواهب الذي يقوده بول، وحصلت على منحة مؤسسة ماستركارد المرموقة لمتابعة دراستها الجامعية في العلوم السياسية في جامعة إدنبره. عندما غادرت الأكاديمية، لفتت إلى ما تعنيه هذه المنحة الكاملة لها ولمجتمعها بقولها: "أريد تحقيق حلم طفولتي بمحاربة الظلم والفساد في كينيا، حيث يتسم النظام السياسي الكيني على نحو كبير بالقبلية وعدم المساواة، لذلك، لا بد من معرفة كيفية عمل الأنظمة السياسية وما قام به الآخرون لضمان التنمية المستدامة، فضلاً عن توفير الفرص أمام المواطنين، والمنحة الدراسية ستساعدني على فك الشيفرة التي يمكنني من خلالها إحداث تأثير في تغيير النظام السياسي في بلدي وتخليص كينيا من القبلية والجشع. إنني متحمسة لتوظيف معرفتي كسلاح للتخلص من التمييز وعدم المساواة والعمل من أجل كينيا أفضل، التي هي وطن لنا جميعاً".
إن الشباب والشابات الذين حضروا أو يحضرون إلى إحدى الأكاديميات عبر برنامج "تحديد المواهب" ينحدرون من بيئات متواضعة وغالباً ما تكون حظوظهم في التعليم أقل مقارنةً بأقرانهم في المناطق الأخرى، إضافةً أن مستقبلهم غير مضمون، حيث غالباً ما يكون آباؤهم مثقلين بالأعباء ويكافحون للحصول على وظائف لتأمين الطعام والتعليم لأبنائهم. وقد تمكن هؤلاء الشباب والشابات عبر برنامج "تحديد المواهب" من الوصول إلى تعليم بمعايير دولية من أجل خلق وتحديد مصيرهم بدلاً من انتظار المعجزات، وبالتالي تمكنوا من تحقيق رؤية سموه بدعم إمكاناتهم التي ستنعكس على تحسين مجتمعاتهم وعالمهم.
تم اقتباس هذه المقالة من مادة كُتبت لأول مرة على موقع أكاديمية الآغا خان.
للاطلاع على النسخة الأساسية من المادة، انقر هنا