تنزانيا · 4 نوفمبر 2019 · 4 دقائق
استفاد أكثر من مليون شخص، عام 2017، في جميع أنحاء العالم من التدخلات الرامية إلى تحسين سبل العيش وإدارة الموارد الطبيعية التابعة لمؤسسة الآغا خان. في تنزانيا، التقى أحد موظفي مؤسسة الآغا خان مع أحد هؤلاء المزارعين للاطلاع منه على كيفية عمله مع المزارعين المحليين من أصحاب الحيازات الصغيرة لإنشاء نموذج زراعي يستفيد منه الجميع.
نيكسون "نيك" ميلوي، مزارع تنزاني يبلغ من العمر 26 عاماً من متوارا، وهو رجل نشيط جداً، حيث يتولى حراثة حقله وإصلاح المعدات الزراعية. أثناء المغامرة التي قمنا بها لزيارته في مزرعته، لم يفارقنا نباح الكلاب على طول الطريق الترابية. كلما تقدمنا، كلما اتضح لنا مدى العمل الجيد الذي يقوم به تجاه آلة تعمل بشكل مثالي، رغم الفوضى الرائعة بالمحيط. رحّب نيك بنا بهدوء وحرارة، وقادنا نحو مبنىً قريب جداً. نظرت حولي متسائلاً لماذا توقفنا هنا، قبل أن يوضح دليلي بابتسامة ساخرة، قائلاً "هذا هو مكتبنا الميداني. تفضل بالجلوس!"
نيك هو مدير مزرعة في "تشانغاراوي" تبلغ مساحتها 40 فداناً، وقد وصل إلى "تشانغاراوي" عبر جامعة "سوكوئيني" للزراعة في موروغورو، التي تبعد نحو 200 كيلومتر من دار السلام. اليوم، وتحت إشراف نيك، تنتج "تشانغاراوي" الفلفل الحلو والفليفلة الخضراء والحمراء والصفراء والبندورة والبطيخ.
قبل بضع سنوات، واجه نيك و"تشانغاراوي" تحديات كبيرة تتعلق بإنتاج الفليفلة الحمراء، التي يتزايد الطلب عليها في تنزانيا. في ذلك الوقت، قّدر نيك أن "تشانغاراوي" أنتجت نحو 1000 كيلوغرام من الفليفلة شهرياً. لكن الوصول المحدود إلى الأسواق يعني أن حوالي 30% من المحصول كان يضيع بسبب التلف، ما يشكّل خسارة مالية تبلغ نحو 450 ألف شلن تنزاني (195 دولاراً أمريكياً) لكل نوع من الفليفلة شهرياً. في حين تمثّل التحدي الآخر في الافتقار إلى المعرفة التقنية بين العاملين هناك، ولا سيّما فيما يتعلق بإدارة العمل في البيوت البلاستيكية، الأمر الذي يشكّل عنصراً حاسماً في نجاح زراعة الفليفلة.
كجزء من مشروع تنمية سلسلة القيمة الغذائية المُموّلة من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي، قامت مؤسسة الآغا خان بربط نيك مع راموش، وكيل مشتريات في دار السلام. اليوم، ونتيجةً لذلك، أصبحت المزرعة قادرة على نقل المنتجات إلى السوق بشكل أسرع. ونظراً لإعجابه بجودة منتج "تشانغاراوي"، يقوم راموش حالياً بالحصول كمية ضخمة من الفليفلة أسبوعياً من المزرعة، وقد أبدى اهتماماً بشراء قرع الجوز، الشمندر، الشمام، الخيار الإنجليزي والباذنجان.
AKF is currently in the process of securing widespread smallholder farmer participation. The aim is to make farms like Changarawe become local economic engines that catalyse significant increases in production, local employment and incomes for smallholder farmers.
AKDN
تعمل حالياً البيوت البلاستيكية الخمسة في "تشانغاراوي" بأقصى طاقتها، وبدعم من المؤسسة، يتعاون نيك مع المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة لتلبية الطلبات المتزايدة، حيث إذا تمكنت "تشانغاراوي" من إنتاج كل هذه المنتجات على نطاق واسع، فإن المزرعة ستصبح مصدر كافة المنتجات التي يحتاجها راموش.
إضافة إلى ربط العرض بالطلب، تحرص مؤسسة الآغا خان وحكومة المقاطعة على ضمان انتشار المعرفة المتعلقة بأفضل الممارسات الزراعية وتوزيعها. لا يساعد أصحاب الحيازات الصغيرة نيك على الوفاء بتلبية ما يحتاجه فحسب، بل يأتي المزارعون من المنطقة أيضاً إلى "تشانغاراوي" للتعلم. النموذج الذي يتخيله المجتمع هو النموذج الذي يبيع به المزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة محصولهم إلى "تشانغاراوي"، الذي يقوم بدوره ببيع المنتجات إلى راموش. تعمل مؤسسة الآغا خان حالياً على تأمين مشاركة واسعة النطاق لصغار المزارعين، والهدف من ذلك هو جعل المزارع، مثل مزرعة "تشانغاراوي"، لأن تصبح محركاً اقتصادياً محلياً يحفز الزيادات الكبيرة في الإنتاج، يشغل العمالة المحلية ويحقق دخل للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة.
خلال حديثنا معه أشرنا أن التصميم الذي اتبعه نيك من الممكن تعميمه، حيث أن رغبته الثابتة في الاستمرار والمضي قدماً تُجسِّد روحه في تنظيم المشاريع.
ثمة مثل إفريقي يتردد صداه حول "تشانغاراوي": "إذا أردت أن تنطلق بسرعة، فاذهب وحدك. وإذا أردت أن تذهب بعيداً، فاذهب في مجموعة". لا تعتبر المزرعة بذاتها عملاً واعداً فحسب، بل أيضاً كقلب للحي ينبض بالحياة، ومحرك اقتصادي يغرس الحياة في قلوب ومنازل المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة. إن القيمة المشتركة التي حققتها "تشانغاراوي" تعني تقدم الجميع، فالنمو الذي تحققه يشمل الجميع. في عالم يكون فيه معظم ذوي الدخل المحدود هم من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، يساهم هذا النموذج في توفير الأمل لنوعية حياة أفضل لمزارعي متوارا من ذوي الدخل المحدود. يمكن لمزرعة "تشانغاراوي" ومزارعيها من أصحاب الحيازات الصغيرة أن يذهبوا بعيداً معاً.
دعم مشروع تنمية سلسلة القيمة الغذائية نيكسون في إطار مشروع مدته 3 سنوات بإشراف من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي في إطار برنامج العمالة من أجل التنمية المستدامة وبتمويل من برنامج المساعدات البريطانية والوكالة النرويجية للتنمية الدولية ومشروع شركة غازبروم العالمية للطاقة، إلى جانب الحكومة الألمانية. يخلق المشروع ويسهّل الفرص الإقتصادية للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة لإنتاج ومعالجة وتوفير الغذاء للأسواق الخارجية، مع التركيز على صناعة الموارد الطبيعية.
نُشر هذا المقال في الأصل على موقع مؤسسة الآغا خان في المملكة المتحدة.