تتمتع مدينة هرات بتاريخ عريق وغني جعلها أحد أهم المراكز الاستراتيجية والتجارية والثقافية في العالم. في نهاية القرن الثامن، كانت تشتهر بإنتاج الأعمال المعدنية تحت حكم الخلافة العباسية. تقع هرات في موقع استراتيجي يجمع بين طرق الجيوش والتجارة والثقافات المتنافسة، وكانت موطنًا للفرس والبشتون والأوزبك والتركمان والبلوش والهزارة. تعرضت هرات لأعمال النهب من قبل تيمور في القرن الرابع عشر، ولكنها شهدت نهضة تحت حكم ابنه شاه رُخ. وعلى الرغم من تكرار تعرضها للدمار خلال الحروب على مر تاريخها، إلا أن العديد من المعالم الإسلامية الهامة نجت من الدمار.
بدأ صندوق الآغا خان للثقافة أعماله في هرات في عام 2005، ومنذ ذلك الحين بذل جهودًا متواصلة للحفاظ على هذا التراث الفريد.
60,000
أدى مشروع إعادة تأهيل البلدة القديمة إلى خلق أكثر من 60,000 يوم عمل.
قلعة هرات بعد الترميم في مدينة هرات، أفغانستان.
تتميز مدينة هرات القديمة بمخططها المستقيم والنسيج المتبقي للأحياء السكنية والتجارية، مما يجعلها فريدة من نوعها في المنطقة. منذ عام 2002، شهدت المدينة تحولًا جذريًا، يعود بشكل كبير إلى النمو غير المنظم في البنية التحتية. وللتعامل مع هذه المشكلة، أجرينا سلسلة من الاستطلاعات والدراسات الاستقصائية لتتبع التغييرات السريعة التي لا تزال تحدث.
وبالإضافة إلى ذلك، قمنا بوضع خطط مناسبة للأحياء الرئيسية بهدف الحفاظ على الطابع الفريد للمدينة القديمة. لقد دعمنا لجنة المدينة القديمة التي تضم ممثلين عن المؤسسات الرئيسية، بهدف ضمان الإشراف على التنمية الحضرية والتطوير داخل حدود الحي التاريخي. وقد ساهمت هذه الخطوة في زيادة الوعي بضرورة حماية وتعزيز القدرة الرسمية على تشجيع عمليات التنمية الملائمة في النسيج التاريخي.
في عام 2005، بدأ صندوق الآغا خان للثقافة في رسم خرائط لجميع الممتلكات في مدينة هرات القديمة بهدف الحفاظ على خمسة منازل تاريخية ذات أهمية كبيرة و17 مبنى عام. قدم صندوق الآغا خان للثقافة منحًا مالية صغيرة لأكثر من 70 أسرة في مدينة هرات القديمة. وتم توجيه الدعم لصيانة صهاريج المياه وعدة مساجد مجتمعية ومنازل خاصة. بالإضافة إلى ذلك، تم تحسين البنية التحتية في ربعين من المدينة القديمة، وقد أسهم هذا العمل بشكل كبير في خلق أكثر من 60,000 يوم عمل.
بناءً على الدراسات الاستقصائية للظروف المعيشية، قمنا بالاستثمار في إصلاح وإعادة بناء 2,500 متر من نظام الصرف الصحي، وتم وضع أكثر من 4,000 متر مربع من الرصف الحجري في أزقة المشاة. تمت أيضًا إزالة النفايات الصلبة والسائلة، واستفاد أكثر من نصف سكان البلدة القديمة من هذه الإجراءات.
تقوم لجنة المدينة القديمة بتنفيذ تطوير حضري وتحسين داخل حدود الحي التاريخي، وذلك بفضل الدعم الفني الذي يقدمه صندوق الآغا خان للثقافة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل اللجنة على وضع خطط للأحياء وزيادة الوعي العام بأهمية حماية المدينة القديمة والمناطق المحيطة بها.
ضريح عبد الله أنصاري، أحد أهم المعالم الدينية والثقافية في أفغانستان، يقع في قرية غازورغاه، شمال شرقي هرات.
يقع قبر الشاعر والباحث الصوفي عبد الله الأنصاري من القرن الثاني عشر في غازورغاه في ساحة مجمع ضريح مهم يعود تاريخه إلى عام 1425 بعد الميلاد. يعد قبر الأنصاري أحد أهم المواقع الدينية في المنطقة، وما زال يحتل مركزًا هامًا للصلاة والتأمل حتى يومنا هذا.
قمنا بإجراء إصلاحات شاملة على جميع الأسطح لحماية الزخرفة المميزة في المجمع. تضمنت هذه الأعمال ترصيف الأرضية بالطوب وتثبيت إضاءة خارجية مخفية، بالإضافة إلى استبدال التركيبات الحديثة بأُخرى تتماشى مع الطابع التاريخي للمجمع. تم تحسين وصول الزوار إلى الفناء من خلال هذه الأعمال. تم أيضًا توثيق وتفسير الزخارف والإهداءات الموجودة على العديد من المقابر التاريخية في فناء الضريح. تم الانتهاء أيضًا من أعمال الترميم المتزامنة في الجناح القريب "نامكدان" و "زارنيغار تاكياهانا".
تلقى صندوق الآغا خان للثقافة دعمًا من عدة جهات مانحة بهدف الحفاظ على البيئة وتنمية المناطق الحضرية وتطويرها. تشمل هذه الجهات حكومات ألمانيا والنرويج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوزبكستان، بالإضافة إلى صندوق الأمير كلاوس (هولندا) ومعهد المجتمع المفتوح.
المئذنة الخامسة لمجمع المصلى، مدينة هرات، أفغانستان (2022).
AKCS-A
تُعتبر المئذنة الخامسة إحدى المئذنتين (انهارت الأُخرى في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) التي كانت تحيط بمدرسة جوهرشاد. يعود تاريخها إلى أوائل القرن الخامس عشر وهي جزء من مجموعة الآثار التيمورية المهمة التي توجد داخل مجمع المصلى. تم تزيين المجمع بعشر مآذن فردية بارتفاعات متفاوتة تصل إلى 58 مترًا، وقد انهارت خمسة منها على مر الزمن بسبب الهدم والإهمال والكوارث الطبيعية.
مع استثناء المآذن التي بقيت إلى حد كبير سليمة خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تم هدم المجمع الواسع من المباني داخل المصلى عمدًا بالإضافة إلى مناطق تاريخية أُخرى من قبل القوات البريطانية والأفغانية، بهدف تطهير المواقع الدفاعية استعدادًا لغزو محتمل لمدينة هرات من قبل القوات الروسية والإيرانية في عام 1885. وبالرغم من عدم حدوث الغزو، إلا أن الضرر الذي لحق بالآثار التيمورية في هرات كان لا يمكن استعادته.
تعاني المئذنة الخامسة من حالة تدهور متقدمة، حيث تميل بزاوية تزيد عن 3.8 درجة على محورها المركزي نحو الشرق. يعزى ذلك إلى التغيرات البيئية الشاملة في الموقع، بما في ذلك:
تلتزم مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية في أفغانستان (AKCSA) بتوفير المساعدة العاجلة لحماية المئذنة الخامسة بشكل دائم.
يتم تنفيذ هذا المشروع بدعم مالي من مؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع "أليف (ALIPH)" وبالتعاون مع شريك تقني، جامعة فلورنسا قسم الهندسة المعمارية "ديدا (DIDA)".