الحالة في أفغانستان

لا تزال أفغانستان واحدةً من أفقر دول العالم، إذ احتلت المرتبة 182 من أصل 193 دولة وإقليم في مؤشر التنمية البشرية لعام 2022. وفي عام 2024، أفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بأن نحو 85% من الأفغان يعيشون على أقل من دولار واحد يوميًا.

ويعاني القطاع المالي في البلاد من نقص حاد في الخدمات، إذ لا يمتلك سوى 10% من البالغين حسابات في مؤسسات مالية رسمية، بينما حصل 7% فقط على قرض. وفي ظل استمرار اعتماد البلاد على المساعدات الدولية، انسحبت العديد من المنظمات غير الحكومية وسط تدهور الوضع الأمني، لا سيما في المناطق النائية.

التمويل الأصغير

يقدّم بنك التمويل الأصغر في أفغانستان (FMFB-A) مجموعة متكاملة من الخدمات المالية، تشمل التمويل، وتعبئة الودائع، والتحويلات المالية، والخدمات المصرفية الرقمية، إلى جانب خدمات مصرفية تجارية أخرى. كما يشارك في البحث وتطوير المنتجات والابتكار، بهدف توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية.

تُعد أفغانستان أول دولة يطوّر فيها صندوق الآغا خان للتنمية الاقتصادية (AKAM) منتجات تمويلية مخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بدعم من صندوق الضمان الجزئي التابع للمؤسسة الألمانية للاستثمار والتنمية (DEG).

وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، طوّر البنك أيضًا منتجًا لقروض الإسكان متناهية الصغر، مرفقًا بخدمات استشارية شاملة للبناء. ويهدف هذا المنتج إلى تحسين جودة البناء، بما في ذلك تعزيز مقاومة الزلازل، وكفاءة الطاقة، وأنظمة الصرف الصحي، والتهوية السليمة. وتُعد هذه المبادرة جزءًا من مجموعة أدوات وضعتها مؤسسة التمويل الدولية لمساعدة مؤسسات التمويل الأصغر في مختلف أنحاء المنطقة.

يُعتبر البنك اليوم أكبر مزوّد للخدمات المالية للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والأسر، حيث يخدم نحو 15,000 عميل في 14 ولاية، بمحفظة تتجاوز قيمتها 22 مليون دولار، منها 16 مليونًا مخصصة للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة. ومنذ تأسيسه، صرف البنك أكثر من 738,000 قرض بقيمة إجمالية تجاوزت مليار دولار، كما يقدّم خدمات مالية لأكثر من 157,000 مودع فردي.

تُعزّز هذه الأنشطة من خلال شراكات متعددة تشمل: صندوق ائتمان التمويل الأصغر في أفغانستان (MISFA)، وهي جهة حكومية، إلى جانب وكالات تابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية (IRW)، ومؤسسة الآغا خان (AKF)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، ووزارة الزراعة الأفغانية، وبنك التنمية الألماني (KfW)، ومؤسسة التمويل الهولندية للتنمية (FMO)، ومرفق التمويل الأخضر التحفيزي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (ACGF).

يشكّل الإقراض في المناطق الريفية حاليًا نحو 13.4% من إجمالي قيمة محفظة بنك التمويل الأصغر في أفغانستان، فيما تمثل قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة نحو 27% من إجمالي القروض. وبصفته أحد أبرز مزوّدي القروض الزراعية في البلاد ــ والتي تمثل أكثر من ثلث محفظته ــ يواصل البنك إطلاق منتجات جديدة ضمن سلاسل القيمة الزراعية، بهدف دمج مختلف الجهات الفاعلة مثل مورّدي المدخلات، والشركاء التنفيذيين، والمشترين المؤسسيين، بما يسهم في تعزيز الثقة، وتحسين الجودة، وتحقيق استقرار في العرض والطلب.

وبدعم من مرفق التمويل الأخضر التحفيزي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (ACGF)، تم التعاقد مع مستشار خارجي لتطوير منتجات تمويلية إسلامية، مثل "السلام" و"الاستصناع"، والتي تقدم حلولًا نقدية متوافقة مع الشريعة الإسلامية في مجالات الزراعة والتصنيع.

في أعقاب التحولات التي شهدتها البلاد في أغسطس 2021، تقدّم البنك بطلب إلى البنك المركزي الأفغاني للحصول على ترخيص لمزاولة الصيرفة الإسلامية. ولتحقيق ذلك، استعان بشركة "أفريو إمباكت (AVRIO Impact)"، وهي شركة استشارية مقرها فرنسا، لدعم تطوير السياسات الإلزامية، وتصميم المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ووضع خطة متكاملة للتحول. وفي أواخر عام 2022، منح بنك أفغانستان المركزي (DAB) موافقته على انطلاق أعمال التمويل الإسلامي، ليبدأ البنك بتقديم خدمات الصيرفة الإسلامية في 14 ولاية و280 مقاطعة.

وفي إطار تعزيز الشمول المالي، نسّق البنك مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر شبكة الآغا خان للتنمية، لتوسيع نطاق الخدمات بين العائدين والنازحين داخليًا، وهو ما استفاد منه نحو 500 شخص. كما تعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومؤسسة الآغا خان، لتنفيذ مشاريع تمويلية تدعم رائدات الأعمال في الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.

توسيع نطاق وصولنا

اعتمد بنك التمويل الأصغر في أفغانستان تقليديًا على شبكة فروعه في استقطاب العملاء وتقديم المنتجات والخدمات. ومع تسارع وتيرة التطورات التكنولوجية، وتزايد حدة المنافسة، والتركيز المتنامي على الكفاءة التشغيلية، اتجه البنك إلى تقديم خدمات مالية رقمية وحلول مبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية.

ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه، خلال السنوات الخمس المقبلة، في خفض التكاليف التشغيلية عبر تحويل جزء كبير من المعاملات من الفروع إلى القنوات الرقمية، إلى جانب تعزيز تفاعل العملاء، وتوفير تجربة مصرفية أكثر كفاءة، وتمكين البنك من التميز عن منافسيه. ويمثّل هذا التحول خطوة استراتيجية نحو ضمان مستقبل أكثر استدامة للبنك، وبناء قاعدة صلبة لإطلاق مشاريع ومبادرات جديدة.