كلمة ألقاها الأميرة الزهراء آغا خان , جمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان · 18 يونيو 2022 · 6 دقائق
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي حاكم إقليم غورنو باداخشان ذاتي الحكم، السيد أليشر ميرزانوبوت،
معالي حاكم نارين سابيركول أشيمبايف،
رئيس مجلس الأمناء الدكتور شمش قاسم لاكا، وأعضاء مجلس الإدارة.
رئيس الجامعة الدكتور سهيل نقفي،
العميد مكسيم كومياكوف وأعضاء الهيئة التدريسية في كلية الآداب والعلوم،
المانحون الكرماء، وأصدقاء جامعة آسيا الوسطى حول العالم،
أولياء الأمور وأفراد الأُسر،
الضيوف الكرام،
وخريجو دُفعة عام 2022 الأعزاء،
يسعدني نيابةً عن المستشار، سمو الآغا خان، أن أرحب بكم جميعاً في حرمي جامعة آسيا الوسطى في خوروغ ونارين وحول العالم في حفل تخريج دُفعة عام 2022. قبل مخاطبة الخريجين، الذين سيلتحقون قريباً بصفوف خريجي جامعة آسيا الوسطى اللامعين، سأغتنم هذه الفرصة لأُلقي الضوء على بعض الإنجازات المتميّزة لجامعة آسيا الوسطى، والتي نأمل ونعمل على أن يكون لها تأثير كبير على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في آسيا الوسطى.
كما تعلمون، أقمنا العام الماضي الحفل التاريخي الأول لتوزيع الشهادات بجامعة آسيا الوسطى، ولا يسعني إلا أن أُبدي إعجابي بالإنجازات المثمرة والبناءة لهذا الجامعة الشابة في آسيا الوسطى وفخري بالمكانة التي حازتها في هذه الفترة القصيرة.
بدايةً، أود أن أُنوه، باسم سمو المستشار، إلى الدعم والتشجيع الذي تلقته جامعة آسيا الوسطى من حكومتي طاجيكستان وقيرغيزستان. وأذكر أيضاً الإسهامات التي أنتجتها اتفاقيات التعاون بين الجامعة ومختلف الوزارات من خلال العمل على تعزيز وتحقيق أجندات التنمية الوطنية والشراكات بين القطاعين العام والخاص، انطلاقاً من برامج المرونة الحضرية في خوروغ و نارين، المدعومة بسخاءٍ من الحكومة السويسرية ومن وكالات شبكة الآغا خان للتنمية، وصولاً للخطط الرئيسية الإقليمية لجذب الاستثمارات، وتعزيز التكنولوجيا الرقمية لإنشاء "مدن ذكية" واستكشاف إمكانات السياحة في المنطقة.
تُعرِّف جامعة آسيا الوسطى نفسها على أنها "جامعة تنموية" تستهدف المجتمعات الجبلية. وتُعتبر كلية الآداب والعلوم التابعة لها، والتي انطلقت منذ ست سنوات فقط، من بين كليات الفنون الليبرالية (مثل الأدب والتاريخ) الرائدة في منطقة آسيا الوسطى، من خلال تركيزها الكبير على الاحتياجات والتحديات التي تواجه المجتمعات الجبلية، حيث تتوضع حُرمها الجامعية.
احتفلت كلية التعليم المهني والمستمر (SPCE) بجامعة آسيا الوسطى العام الماضي بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيسها، حيث خرّجت أكثر من 200 ألف طالب ممن شاركوا بالدورات التعليمية في 17 مركزاً تعليمياً، ستة منها في أفغانستان. كما حققت برامجها للتعليم المهني وريادة الأعمال الخاصة سجلاً بارزاً في تعزيز المشاريع التجارية والمهنية وخلق العديد من فرص العمل. تساعد الدورات القصيرة المتعددة التي تقدمها كلية التعليم المهني والمستمر على رفع مستوى المهارات الفنية وتوسيع فرص العمل، وبالتالي تخريج دُفعة من الطلاب الناجحين والقادرين على تحسين نوعية الحياة وتحقيق الانسجام في المجتمعات الريفية. هذا النجاح لفت إعجاب سمو المستشار ومجلس الأمناء، ما حثّهم على دعم برامج كلية التعليم المهني والمستمر.
تُعد التغيّرات المناخية مشكلة عالمية، وهذا يحتم علينا العمل على إيجاد الحلول وتدابير التكيّف وتنفيذها على المستوى المحلي. لهذا أدرجت جامعة آسيا الوسطى في برنامجها التعليمي علوم الأرض والبيئة لأن التغيّرات المناخية ستؤثر سلباً على آسيا الوسطى وعلى بقية الكوكب. سيؤثر هذا الواقع المحزن على طلاب جامعة آسيا الوسطى. بادئ ذي بدء، سيؤثر ذلك على طبيعة حياتكم اليومية وعلى عائلاتكم، الأمر الذي سيفرض تغييرات اضطرارية على طرق الزراعة وتوزيع الطعام، وضرورة إتباع نهج مناسب تجاه الموارد، فضلاً عن انتهاج أفضل الطرق التي سيتم من خلالها بناء البيوت في المستقبل، ما سيخلق لاحقاً العديد من فرص العمل والمهن الجديدة التي ستكون ضرورية في العقود القادمة. ستحتاج هذه المنطقة وغيرها وجود فنيين ومهندسين قادرين على تكييف الحياة اليومية مع واقع جديد ومختلف، إضافةً إلى ضرورة فرض تغييرات على الهندسة المعمارية والنقل والتجارة، وسياسات الحفاظ على الثروة الحراجية والمائية والحيوانية. أنتم أيها الطلاب ستكونون علماء الغد وأملنا لمستقبل أفضل، وستمتلكون القدرة على وضع مخططات علمية تتعلق بالكوارث الطبيعية والتغيّرات المناخية المستقبلية والتنبؤ بها، وتأثير ذلك على البشر خلال المائة عام القادمة أو أكثر. ستزداد الحاجة لهؤلاء العلماء في مختلف المهن، من علم الأحياء والجيولوجيا والجغرافيا إلى الفيزياء والكيمياء، لأن كل تلك المجالات ستتطور وفقاً للتغيّرات المناخية، وستكون الخيارات المهنية متنوعة وذات أهمية بالغة. ولسوء الحظ سيحدث ذلك بشكل أسرع مما نعتقد.
حققت كلية الدراسات العليا للتنمية العديد من الإنجازات البحثية، من ضمنها نجاحها المبهر في العثور على أنواع من المحاصيل تتميّز بمقاومتها للجفاف، ومشاركة جهود العلاج المختلفة مع المجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الجامعة على إشراك منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وهي تتعاون مع المنظمات النسائية في المناطق الريفية على إيجاد حلول مستدامة والعمل على تنفيذها. ثمة حالياً على الصعيد العالمي فهم أكبر لإمكانيات الابتكار في المجتمعات الريفية وكيف يمكن للتقنيات الرقمية أن تساعد المزارعين على التحول من الزراعة كثيفة المدخلات(التي تعتمد على استخدام كميات كبيرة من العمالة ورأس المال) إلى الزراعة كثيفة المعرفة، التي تستخلص الدروس من النجاحات والإخفاقات السابقة وتهتم بتبادل الأفكار. تساهم جامعة آسيا الوسطى بشكل فريد في هذا المسعى من خلال زيادة مستوى المعرفة وإجراء الأبحاث ذات الصلة.
اسمحوا لي الآن أن أتوجه إلى خريجي دُفعة عام 2022، الذين أُقدم لهم أجمل التهاني والتمنيات الطيبة نيابةً عن سمو المستشار، الذي كان يتابع تقدمكم باهتمام كبير طوال فترة دراستكم في جامعة آسيا الوسطى، واليوم هو خير مثال على تتويج إنجازاتكم التي نفخر بها جميعاً. رغم التحديات والاضطرابات التي شكّلتها جائحة كورونا، إلا أنكم تكيّفتم مع التعلم عبر الإنترنت وعوّضتم ما فاتكم من وقت، وتخرجتم في الموعد المحدد، لهذا فإننا نوجّه لكم وللهيئة التدريسية وللموظفين التحية الحارة.
لعبت كلية الآداب والعلوم أيضاً دوراً مهماً، وقد تم استثمارها بالكامل لضمان تخرجكم وامتلاككم المهارات التي تمكّنكم من متابعة التعليم العالي أو دخول سوق العمل بسهولة. شكّل نجاح الدُفعة الأولى من الخريجين العام الماضي في تحقيق هذه الأهداف دليلاً على تصميم الكلية وتفانيها في تعليمكم، وإننا نوجه لتلك الدُفعة تهانينا القلبية أيضاً.
يأمل سمو المستشار أن يتمكن خريجو كلية الآداب والعلوم من إيجاد فرص عمل في المنطقة، وأن يساهموا في خلق فرص عمل وإنشاء مشاريع تجارية ناجحة لتنشيط اقتصاد المنطقة بأكملها. إن بناء بيئة اقتصادية نشطة وناجحة سيحسن من نوعية حياة جميع المجتمعات ويحقق المزيد من الاستقرار الاجتماعي والرفاهية للجميع.
نيابةً عن سمو المستشار، أود أن أُعرب عن شكرنا وإعجابنا بـما قام به الدكتور سهيل نقفي خلال السنوات الأربع التي قضاها في رئاسة جامعة آسيا الوسطى، وعلى ما حققه من إنجازات. لقد ساهم الدكتور نقفي في تحسين خبرات الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية على حدٍ سواء. لهذا نتمنى له كل النجاح في مساعيه المستقبلية، وأود أن أشكره مرة أخرى، نيابةً عن سمو المستشار، على مساهماته العديدة في جامعة آسيا الوسطى.
لقد أتاح لكم كرم المانحين الوصول إلى تعليم عال يتطابق مع المعايير الدولية، لذلك نوجّه لهم عميق شكرنا وامتناننا، فدعمهم المستمر يشكّل أهمية كبيرة يضمن وجود أساس مالي قوي لجامعة آسيا الوسطى ويمكّنها من الاستمرار بالقيام بمهامها خلال العقود القادمة.
بينما تستمرون في رحلاتكم المهنية، فإن آمالنا وتطلعاتنا تذهب معكم. في نهاية المطاف، سيُقاس نجاح جامعة آسيا الوسطى بمدى ما حققه خريجوها من نجاح. نحن لم ندخر أي جهد لتزويدكم بالمعرفة والمهارات اللازمة لتمكينكم من النجاح والازدهار في عالم سريع التغيّر، وإننا نأمل أن تعززوا من نموكم المهني بقيم التعددية والمواطنة المسؤولة والقيادة الأخلاقية.
أيها الخريجون، مع دخولكم المرحلة التالية من حياتكم، تتطلع جامعة آسيا الوسطى بشغف للاحتفال بنجاحكم. نأمل أن تحظى جامعتكم دائماً بمكانة خاصة في قلوبكم، وأن تبقوا على اتصال معها كمتعلمين مدى الحياة وسفراء متحمسين.
تهانينا لكم جميعاً مرة أخرى نيابةً عن سمو المستشار، وشكراً لكم.