كلمة ألقاها الرئيس سليمان شهاب الدين, تنزانيا، دار السلام · 24 فبراير 2025 · 5 دقائق
AKDN/Akbar Hakim
بسم الله الرحمن الرحيم
مستشارنا، صاحب السمو الأمير رحيم آغا خان،
ضيفة الشرف الرئيسية، الأميرة الزهراء آغا خان،
الرئيس ذاكر محمود وأعضاء مجلس أمناء جامعة الآغا خان،
القادة، وأعضاء هيئة التدريس، والموظفون، والطلاب، والخريجون، وأصدقاء الجامعة،
أفراد عائلات الخريجين،
والأهم من ذلك، نجومنا الساطعة اليوم، أعضاء دفعة 2024:
السلام عليكم، صباح الخير، أهلًا وسهلًا بكم في حفل التخرج هذا. أنا ممتن جدًا لوجودكم جميعًا معنا، وللاحتفال بخريجينا الجدد معكم.
نجتمع اليوم في لحظة فارقة من تاريخ جامعتنا، إذ فقدنا في الرابع من فبراير مؤسسنا ومستشار جامعتنا لأكثر من أربعة عقود، صاحب السمو الأمير كريم آغا خان الرابع.
برحيله، فقدت جامعة الآغا خان مرشدها صاحب الرؤية، وأكبر مناصريها، ومصدر إلهامها اللامحدود. كما فقد العالم أحد أبرز رموزه الإنسانية. لقد كرّس مستشارنا المؤسس ــ رجل السلام وبطل التعددية ــ حياته للعمل دون كلل من أجل التخفيف من المعاناة، وبناء قدرات الأفراد، وتعزيز التنمية، ولا سيما في إفريقيا وآسيا.
بينما نتأمل في هذه الخسارة الفادحة، نُعبّر عن بالغ امتناننا للإشادات التي تلقاها صاحب السمو من القادة والشركاء والأصدقاء من مختلف أنحاء العالم. ويشمل ذلك، مع خالص تقديرنا، كلمات المواساة التي عبّرت عنها فخامة الرئيسة الدكتورة سامية سولوهو حسن، وفخامة رئيس زنجبار الدكتور حسين علي مويني.
نرحّب، بكل تفاؤل وحماس وأسمى الآمال، بصاحب السمو الأمير رحيم آغا خان بصفته الإمام الخمسين للمسلمين الشيعة الإسماعيليين، ومستشار جامعة الآغا خان. ونتعهّد لسموه بتقديم دعمنا الكامل في مسيرته لقيادة شبكة الآغا خان للتنمية، متمنّين له كل التوفيق والنجاح.
الأميرة الزهراء، شكرًا جزيلًا لانضمامكِ إلينا كضيفة شرف رئيسية. إن حضوركِ اليوم، ومشاركتكِ في جميع احتفالات التخرّج، هو محل تقدير بالغ. سيداتي وسادتي، قبل بضعة أسابيع، عندما طلبتُ من الأميرة الزهراء أن تنظر في إمكانية حضور حفلات التخرج الأربع – التي تمتد على مدار ثمانية أيام، في أربع دول – جاء ردها بالموافقة الفورية. شكرًا لكِ.
ويسعدنا اليوم أيضًا أن نرحب بأطفالك، سارة وإليان، الحاضرين هنا معنا. لقد خصص كل من سارة وإليان وقتًا للتفاعل معنا، وقاما بزيارة برامج شبكة الآغا خان للتنمية في مختلف أنحاء شرق إفريقيا. ونأمل أن يستمر تفاعلهما، وأن يواصلا زيارة المزيد من هذه البرامج في المستقبل. شكرًا جزيلًا لكما، سارة وإليان.
قال مستشارنا المؤسس ذات مرة إن حجر الزاوية في رؤيته هو الفرصة – فرصة لبناء حياة أفضل للفرد وللأسرة. في تنزانيا، خلق صاحب السمو فرصًا لملايين الأشخاص من خلال وكالات شبكة الآغا خان للتنمية. فعل ذلك، على سبيل المثال، من خلال الخدمات المالية التي يقدمها بنك دايموند ترست وشركة اليوبيل للتأمين. السياحة التي تدعمها فنادق سيرينا. ومشاريع الترميم التي أُنجزت في مدينة زنجبار الحجرية. والمساعدة المقدمة للمزارعين من قبل مؤسسة الآغا خان. ومدارس مؤسسة الآغا خان للخدمات التعليمية. والمستشفيات والمرافق الصحية التابعة للوكالات الصحية في شبكة الآغا خان للتنمية.
بينما نتأمل في الرؤية التحويلية لمؤسسنا والدروس التي تركها لنا، فإننا نتّحد حول ما وصفه بأنه أقوى قوة دافعة للتقدّم عرفها العالم على الإطلاق – ألا وهو الأمل. فعندما يترسخ الأمل، كما قال، يمكن للتفاؤل أن يحل محلّ عدم اليقين، ويمكن للتعاون أن يحلّ محلّ الصراع، ويمكن للركود أن يفسح المجال لزخمٍ إلى الأمام لا يمكن إيقافه.
سيداتي وسادتي، وأنا أنظر إلى خريجي دفعة عام 2024، أرى الأمل ينبثق ويتجذرــ هنا، والآن!
هذا الأسبوع، وفي احتفالاتنا التي ستقام في تنزانيا وكينيا وأوغندا وباكستان، سيخطو 850 امرأة ورجلًا موهوبًا نحو مرحلة جديدة في مسرتهم. إنهم معلمون، وممرضون، وقابلات؛ وصحفيون، وقادة إعلاميون، وباحثون. إنهم رجال ونساء العلم والمعرفة.
في حفل تخرج سابق، وصف مستشارنا المؤسس خريجي جامعة الآغا خان بأنهم "يجسّدون الآمال والطموحات" التي يعلّقها الملايين على أنفسهم وعلى عائلاتهم، واصفًا إيّاهم بأنهم "نور ساطع".
وما كان صحيحًا آنذاك، يظل صحيحًا اليوم بالقدر ذاته. لا يسعني إلا أن أشعر بتفاؤل عميق وأنا أرى دفعة 2024 تحمل مشعل المعرفة إلى العالم. وهذا الشعور يكتسب أهمية خاصة، بالنظر إلى أننا بلغنا محطة فارقة في مسيرة جامعة الآغا خان. هذا العام ، ن سنمنح هذا العام الشهادة أو الدبلوم رقم 5,000 في شرق إفريقيا.
سيداتي وسادتي، خريجونا ليسوا السبب الوحيد للتفاؤل الذي أراه وأشعر به اليوم.
لم تكن جامعة الآغا خان أكثر تميزًا مما هي عليه اليوم، ويتجلّى ذلك في التكريمات التي ينالها أعضاء هيئة التدريس، والاعترافات الدولية التي تحصدها مرافقها الصحية وبرامجها الأكاديمية. فقد بلغ ناتجنا البحثي أعلى مستوياته على الإطلاق، إذ تضاعف ثلاث مرات مقارنةً بما كان عليه قبل عقد من الزمن، ويُركّز بشكل مباشر على معالجة التحديات الكبرى التي نواجهها: تغيّر المناخ، السرطان، صحة الأم والطفل، الصحة التنبؤية، ونقص التحصيل التعليمي في مدارسنا، وغيرها.
وتواصل جامعة الآغا خان توسيع نطاق عملها، حيث أطلقت تسعة برامج دراسية جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، من بينها برنامج بكالوريوس العلوم في التمريض لمدة أربع سنوات، الذي يُقدَّم هنا في دار السلام.
تواصل جامعة الآغا خان، بالتعاون مع مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية، العمل على بناء نظام صحي متكامل بحق، يمتد عبر شرق إفريقيا. ففي تنزانيا، يتكوّن هذا النظام من مستشفيين و22 مركزًا صحيًا منتشرة في أنحاء البلاد، تخدم ما يقرب من مليون مريض سنويًا ــ مما يوفّر منصة فعّالة على نحو متزايد لتقديم الرعاية الصحية، والتعليم، والبحث، وتعزيز الشراكات. وكما تعلمون، يشمل هذا النظام الآن أيضًا مركز علاج السرطان في مستشفى الآغا خان في دار السلام، وهو مشروع بقيمة 25 مليار شلن، يهدف إلى توسيع نطاق الوصول إلى خدمات رعاية مرضى السرطان بشكل كبير.
سيداتي وسادتي، يسعدني أن أعلن أن جامعة الآغا خان قد صُنِّفت ضمن أفضل 150 جامعة في العالم في عدد من التخصصات. ولم يكن هذا الإنجاز ليتحقق لولا الدعم القوي والتفاني الذي أبداه أعضاء هيئة التدريس والموظفون، إلى جانب المتبرعين والمتطوعين والشركاء والخريجين ــ وجميعهم نُكنّ لهم خالص التقدير والامتنان.
كل هذا، وأكثر، يبشر بالخير. مستقبل خريجينا مشرق، وكذلك مستقبل جامعتنا.
أيها الخريجون، بالتفكير في مستقبلكم المشرق، أتذكر الكلمات التي وجهها مؤسسنا إلى دفعة 2022، في ختام ما سيكون رسالته الأخيرة في حفل تخرج. وسأرددها اليوم.
أتمنى لكم جميعًا أن تختبروا فرحة غرس الأمل في حياة الناس، وأن تنعموا بمكافآت بناء جسور التفاهم بين الأفراد من خلفيات متنوعة، ومتعة خوض مغامرات في آفاق مجهولة حيث تُكتشف معارف جديدة.
فالبذور التي تزرعونها من الأمل، والجسور التي تشيّدونها، والمعرفة التي تُنتجونها، ستكون جميعها إضافة ثرية إلى الإرث الباهر الذي خلّفه مستشار جامعتنا المؤسس هنا في تنزانيا.
أيها الخريجون الأعزاء، تهانينا القلبية مرة أخرى، وأهلًا بكم في مجتمع خريجي جامعة الآغا خان.
شكرًا.