كلمة ألقاها السيد فيروز رسول , لشبونة، البرتغال · 8 نوفمبر 2019 · 6 دقائق
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة مارسيلو ريبيلو دي سوزا رئيس جمهورية البرتغال،
سمو الآغا خان،
وزيرة الصحة السيدة مارتا تيميدو،
رئيسة مستشفيات لشبونة المركزية السيدة روزا فالينتي ماتوس،
الممثل الدبلوماسي للإمامة الإسماعيلية لدى جمهورية البرتغال السيد ناظم أحمد،
عضو الوفد البرتغالي إلى اللجنة المشتركة للاتفاق الخاص بالمقر السيد جواو بيدرو أنتونيس،
قادة شبكة الآغا خان للتنمية والإمامة الإسماعيلية،
الضيوف المميزون،
نيابةً عن سمو الآغا خان، أود الترحيب بكم في حفل الافتتاح.
ويشرفنا على نحو خاص انضمام فخامة الرئيس إلينا في هذه المناسبة الخاصة. شكراً لكم فخامة الرئيس، ليس فقط لوجودكم، ولكن أيضاً على الترحيب الكريم والشراكة التي قدمتها الجمهورية البرتغالية إلى الإمامة الإسماعيلية.
نحن هنا اليوم للاحتفال بعلامة فارقة في العلاقة بين الإمامة الإسماعيلية والجمهورية البرتغالية: تبرُّع الإمامة الإسماعيلية بنظام دافنشي الجراحي إلى مركز مستشفى جامعة لشبونة المركزي، والذي سيتم تركيبه هنا في مستشفى كاري كابرال. يعتبر النظام من أحدث التقنيات المدعومة بالروبوتات لإجراء العمليات الجراحية الدقيقة المتعلقة بالأمراض المستعصية، وهو أول نظام من نوعه في مستشفىً عام في البرتغال، وبالتالي الغرض منه تقديم الفائدة لجميع سكان البلاد.
ورغم أن هذه التكنولوجيا متقدمة ومعقدة، إلا أن تأثيرها بالمقابل غير معقّد على مستوى الدولة: فهي ستوسع من فرص الحصول على رعاية جراحية عالية الجودة للمرضى من سكان البرتغال الذين يعانون من مجموعة واسعة من الأمراض، ما يساعد على ضمان قدرتهم على العيش حياة صحية. وعلى هذا النحو، سيمتد تأثيره إيجابياً إلى الآلاف من الأفراد وأحبائهم. ولهذا يستحق الحدث الاحتفال حقاً، وإننا نتطلع إلى رؤية الأدلة والتأثيرات الإيجابية لهذه التكنولوجيا على جودة الحياة عبر تحسين النتائج الناجمة عن العمليات الجراحية الصعبة.
يمثل التبرع بنظام دافنشي دليلاً إضافياً على العلاقة القوية التي تربط بين الإمامة الإسماعيلية والجمهورية البرتغالية، والتزامهما المشترك بتحسين نوعية الحياة في البرتغال، وفي البلدان الناطقة بالبرتغالية في إفريقيا، وما وراءها.
تتصف العلاقة بين البرتغال والإمامة الإسماعيلية بالقِدم، حيث أننا نتذكر الترحيب الذي أبدته هذه البلاد للإسماعيليين الذين غادروا موزمبيق في سبعينيات القرن الماضي. ومنذ الدعوة السخية التي قدمتها الحكومة لتأسيس مقر الإمامة الإسماعيلية هنا في لشبونة عام 2015، اتسع نطاق هذه العلاقة وتعمّق بشكل مطرد.
على سبيل المثال، شاركت شبكة الآغا خان للتنمية ومؤسسة البرتغال للعلوم والتكنولوجيا في مبادرة المعرفة من أجل التنمية. وفي إطار هذه المبادرة، يعمل الباحثون في البرتغال وإفريقيا الناطقة بالبرتغالية وفي وكالات شبكة الآغا خان للتنمية على تطوير حلول للتحديات الحرجة التي تواجه إفريقيا. خلال المرحلة الأولى، تم تقديم منحة لتمويل 16 مشروعاً بحثياً، وتراوحت مجالات البحث بين تطوير المحاصيل التي يمكنها التأقلم مع تغير المناخ، وبين دراسة وفهم أسباب المستويات المرتفعة لفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل المقاومة للأدوية.
وإننا نشهد اليوم واحدة من أولى ثمار الشراكة بين جامعة الآغا خان ووزارة الصحة، وهذا يمثل بُعداً آخر في علاقتنا القوية.
وبالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بجامعة الآغا خان أو كما نطلق عليها "إيه. كيه. يو"، فقد أسسها سمو الآغا خان عام 1983. لتكون أول جامعة خاصة غير ربحية في باكستان، ولديها الآن فروع وبرامج ومستشفيات في كينيا وتنزانيا وأوغندا وأفغانستان والمملكة المتحدة.
حصلت جامعة الآغا خان مؤخراً على لقب واحدة من أفضل 100 جامعة على مستوى العالم في مجال الطب السريري من قبل "تصنيف الجامعات العالمية في شنغهاي"، وهي الجامعة الوحيدة في آسيا التي حققت هذا التميّز. ومن المتوقع أن تقدم جامعة الآغا خان - ووكالاتها التابعة لشبكة الآغا خان للتنمية - عام 2019 العلاج لأكثر من 6 ملايين مريض، والعديد من هؤلاء المرضى سيتقلون العلاج في مستشفيات وعيادات توعية معتمدة من قبل منظمات عالمية، مثل اللجنة الدولية المشتركة ومقرها الولايات المتحدة وكلية علماء الأمراض الأمريكية، ويدرك من يعمل في المجال الصحي أن هذه المعايير والتصنيفات هي معايير ذهبية.
وبصفتي رئيساً للجامعة، يسعدني توجيه الشكر للوزيرة مارتا تيميدو وسلفها البروفيسور أدالبرتو كامبوس فرنانديز - الذي يسرني أن أراه هنا اليوم - على احتضانهما لجامعة الآغا خان كشريك. كان البروفيسور فرنانديز وقائد العمليات الجراحية الشهير والمتقاعد مؤخراً من مستشفى كاري كابرال، البروفيسور إدواردو باروسو، هما من حددا الحاجة الماسة للروبوت الجراحي في مستشفى الإحالة الوطني العام في البرتغال، الأمر الذي أدى في النهاية إلى التبرع السخي الذي نشهده اليوم، والذي تم الانتهاء منه مع الوزيرة مارتا تيميدو.
تبشّر العلاقة بين جامعة الآغا خان ووزارة الصحة البرتغالية بتحقيق العديد من النجاحات. تنص مذكرة التفاهم بيننا على تبادل المنفعة في إدارة غرفة العمليات، والرعاية في قسم الإسعاف، وتحليل البيانات، والبحوث، والعديد من المجالات الأخرى.
عندما زار البروفيسور إدواردو باروسو حرم جامعة الآغا خان في كراتشي، اقترح تعاوناً في التخصصات الجراحية، بما في ذلك الإجراءات التي تعتمد على الروبوت. وبمساعدة من البروفيسور باروسو وفريقه، تعمل جامعة الآغا خان على البدء بعمليات زراعة الكبد في مستشفيينا في كراتشي ونيروبي، وهذا سيشكّل فائدة كبيرة لشعب باكستان وشرق إفريقيا.
وفي الوقت نفسه، تساعد جامعة الآغا خان كليات الطب البرتغالية في تطوير قدراتها على تدريب الأطباء والممرضات عبر استخدام أحدث أدوات المحاكاة والواقع الافتراضي. وقد اكتشف الوفد من وزارة الصحة خلال زيارته لجامعة الآغا خان أن مركز الابتكار في التعليم الطبي لا مثيل له في هذا المجال.
ما زال هناك الكثير من الروابط المتنامية بين المؤسسات البرتغالية ومؤسسات الإمامة الإسماعيلية. تمتلك جامعة الآغا خان حالياً شراكات نشطة مع الجامعة الكاثوليكية في البرتغال وجامعة نوفا في لشبونة. في يونيو من هذا العام، استضافت جامعة الآغا خان وجامعة نوفا ندوة دولية أُقيمت في لشبونة تناولت أخلاقيات أبحاث الخلايا الجذعية والطب التجديدي، وهي المرحلة التالية من التقدم الطبي الذي تم تحقيقه. استضافت تلك الندوة خبراء من سبعة بلدان وأديان مختلفة لمناقشة أحدث القضايا في هذا المجال الذي يشهد تطوراً كبيراً، ولإرساء الأساس لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض في تطوير أطرها القانونية والتنظيمية القائمة على أخلاقيات هذه الاكتشافات الجديدة.
تعمل جامعة الآغا خان والجامعة الكاثوليكية معاً على إنشاء قاعدة بيانات على الإنترنت لعشرات الآلاف من الوثائق المحفوظة في الأرشيف التاريخي لما وراء البحار في لشبونة، وتغطي تلك الوثائق النشاط البرتغالي في منطقة المحيط الهندي من القرن السادس عشر وصولاً إلى القرن التاسع عشر، وهو مشروع مثير سيمكّن العلماء في جميع أنحاء العالم من تعميق فهمنا تجاه قرون من التفاعل بين الثقافات والمدى البعيد لنفوذ البرتغال في التاريخ.
يسرني القول إن جامعة الآغا خان لديها أيضاً علاقات ناشئة مع مؤسسة "كالوست غولبنكيان" ومؤسسة "شامباليمود". في النهاية، ما يجعل هذه الشراكات ممكنة هي القيم التي نتمسك بها جميعاً.
وكما يوضح التبرع الذي نحتفل به اليوم، فإننا نعتقد جميعاً أنه من حق كل شخص الحصول على الرعاية الصحية المتميزة، بغض النظر عن مكان ولادته أو موارده المالية. هذه هي رؤية مستشارنا، والتي تتمثل في التأكد من الوصول إلى أعلى مستوى من الرعاية وإتاحتها أمام الجميع، بغض النظر عن المكان الذي ينتمون إليه أو حالتهم المالية.
لذلك، سواء كنت تعيش في البرتغال أو موزمبيق أو كينيا أو باكستان، وسواء كنت مريضاً في مستشفى عام أو مستشفى خاص، يجب ضمان استفادتك من أحدث التشخيصات والعلاجات والتقنيات.
كلنا نؤمن بقوة الشراكة الرامية إلى تحسين حياة الناس وما لها من تأثير إيجابي على المؤسسات والمجتمعات. الشراكات هي شوارع ذات اتجاهين، حيث يجب أن يسهم كلا الطرفين في تقديم الرعاية لها. تنبثق المنافع المتبادلة نتيجة للالتزامات الجماعية بالوقت والمال والمعرفة والخبرة والمعدات. يعكس التبرع بنظام دافنشي التزامنا العميق بالشراكة التي تربط بين الإمامة الإسماعيلية ومؤسساتها وبين البرتغال.
إننا نقدم النظام من صميم قلبنا وبشعور مليء بالامتنان تقديراً للإسهامات الحقيقية التي قدمتها البرتغال، وتقديراً لكل ما قدمته لنا، وتقديراً لكل ما سنكسبه، وإننا متفائلون من أجل المستقبل، ومن قدرتنا الجماعية في المُضيّ نحو مستقبل أفضل.
شكراً جزيلاً لكم.