كلمة ألقاها السيد مينتيمير شايمييف, قازان، جمهورية تتارستان، الاتحاد الروسي · 13 سبتمبر 2019 · 6 دقائق
سمو الأمير كريم آغا خان،
المشاركون الكرام في الحفل،
الأصدقاء الأعزاء،
تستضيف عاصمة تتارستان فعاليات الحفل العالمي الشهير لجائزة الآغا خان للعمارة، التي تهدف إلى الحفاظ وحماية المعالم التاريخية والهندسة المعمارية الطبيعية. إنه يمثل حقاً حدث تاريخي لنا جميعاً.
قبل كل شيء، اسمحوا لي أن أُعرب عن عميق امتناني بالنيابة عن رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف، وعنّي شخصياً، على التقييم العالي لبرنامج تنمية الأماكن العامة الذي نفذته الجمهورية، إضافةً إلى الشرف الكبير لاستضافة هذا الحفل في قازان.
أصبحت تتارستان المتعددة الجنسيات، التي تتطور بشكل مستدام وعلى نحو متزايد، مكاناً يستضيف المنتديات الدولية الكبيرة التي عقدت في الاتحاد الروسي. وإننا نعتبر هذا الاتجاه دليلاً على حقيقة أننا نسير في المسار الصحيح تجاه التحولات التي تحدث في الجمهورية والرامية نحو رفاهية السكان.
إننا ننطلق من التراث التاريخي والثقافي الغني لشعبنا، ومن مساهمته في التراث المشترك للبشرية جمعاء، فضلاً عن إيلائنا اهتماماً خاصاً للحفاظ على السلام والوئام بين الأعراق وبين الطوائف، وإحياء التعلق بالقيم الروحية. إن الأضرحة الإسلامية في بُلغار القديمة والمواقع الأرثوذكسية في بلدة جزيرة سفيازسك وكرملين قازان لها نفس القدر من الأهمية بالنسبة لنا. هذه المواقع التاريخية الثلاثة مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو. هذا العمل، كما ذكرت مراراً وتكراراً، يتم تنفيذه على مستوى الجمهورية بكل إخلاص، وهو ينتقل "من روح إلى روح".
واغتناماً لمناسبة فعاليات حفل هذه الليلة، يسرنا أن نتشرف بحضور المديرة العامة السابقة لليونسكو إيرينا بوكوفا، ورئيسة الوكالة الفيدرالية لكومنولث الدول المستقلة، المندوبة الدائمة السابقة لروسيا لدى اليونسكو، إليونورا ميتروفانوفا، وإنني أوجه الشكر لهما نيابة عن شعب تتارستان لتعاونهما المثمر في إحياء التراث التاريخي. وإننا نتشارك حالياً الفهم البنّاء مع القيادة الجديدة لليونسكو ومعاهدها.
أود الإشارة إلى أن مؤسسة "الإحياء" الجمهورية، التي أشغل منصب رئيس مجلس أمنائها، قد أكملت هذا العام مشروعاً مدته تسع سنوات (2010-2018) لإحياء المعالم التاريخية لمدينة بُلغار القديمة وبلدة جزيرة سفيازسك. وفي الآونة الأخيرة، شرعنا في مشروع لإنشاء مجمعات تعليمية متعددة اللغات، حيث سيتم تعليم الأطفال بثلاث لغات: الروسية والتترية والإنجليزية.
يسعدنا أن نعرف أن سموّك، بوصفك شخصيةً عامة ساهمت في تأسيس العديد من المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم، تشعر بقلق شديد إزاء هذه المشاكل. ذات مرة قلتَ: "إننا نعيش اليوم في مجتمع المعرفة حيث يقود البحث والوصول إلى تعليمٍ جيد إلى تنميةٍ مستدامة". علاوة على ذلك، فأنت تنفذ أكبر المشاريع الخيرية والتعليمية والإنسانية، وتدعم السبّاقين والمبدعين، بغض النظر عن الجنسية أو الطائفة. إن مهمة حفظ السلام الخاصة بك والتزامك بتقريب الحضارات وتحقيق الوحدة في التنوع تتفق مع أهدافنا، ولا سيّما أهدافي الشخصية، بصفتي مبعوث اليونسكو الخاص للحوار بين الثقافات. لقد تم تسليط الضوء على نفس الأفكار خلال منتدى قازان المتميّز والمعروف، الذي عقدناه سبتمبر الماضي.
تهدف العديد من المشاريع المنفذة في تتارستان إلى معالجة أكثر مشاكل الحياة صلة بالسكان، إضافةً إلى البرامج التي تركز على التخلص من مشكلة السكن المتداعي، والتحوّل نحو استخدام الغاز، وتكنولوجيا المعلومات في المستوطنات والقرى في الجمهورية، فضلاً عن بناء الطرق والقيام بالعديد من المبادرات الأخرى.
أصبحت مبادرة رئيس تتارستان رستم مينيخانوف لعام 2015 والمتمثلة في تنفيذ برنامج تنمية الأماكن العامة بمثابة استمرارية قيّمة لتطلعاتنا. الآن ثمة حدائق وساحات جميلة في جميع المدن الرئيسية وفي معظم مناطق الجمهورية. هذه هي الأماكن التي يجد فيها الجميع شيئاً يرضيهم، ما يمنح الناس الشعور بالراحة والأمان.
إنه عمل صعب وهام، ولا يمكن القيام به بدون وجود مهنيين. لذلك، نقوم بإجراء تدريبات مستمرة للمتخصصين، ونعمل مع الحرفيين المحليين والتجار فيما يتعلق بالأعمال التي تسمح لنا باستخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة، وتطوير الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة. كل هذا يتم عبر فريق من الشباب الطموح الذي يعمل لصالح شعب تتارستان، والذي بدوره يقدّر ذلك.
لقد أُنجز الكثير على مدار خمس سنوات، حيث بُني أكثر من 330 من السدود والشوارع والحدائق والساحات، فضلاً عن التفويض للقيام بأعمال أخرى في 60 موقعاً في وقت قريب. إن مشروع تنمية الأماكن العامة يأتي قبل كل شيء وفقاً لاهتمامنا ورعايتنا للناس. إنه يُولّد الحب واحترام الأرض الأم.
أعزائي المشاركين في الحفل!
إنه لشرف وسرور كبيرين أن نحصل على جائزة الآغا خان للعمارة إلى جانب خمسة مشاريع مهمة أخرى من بنغلاديش وفلسطين والإمارات العربية المتحدة والسنغال والبحرين.
إنه يمنحنا الثقة في أننا نسير على الطريق الصحيح، ويلهمنا نحو تحقيق المزيد من التطور. يتم حالياً إطلاق مشروع جديد مدته ثلاث سنوات يتعلق بتنسيق الحدائق حول الأبنية السكنية في الجمهورية، بحيث يمكن أن يصبح أيضاً واحةً تمنح الهدوء والراحة، وهو شيء نفتقده في المناطق الحضرية.
سموّك، إننا نعتبر هذه الجائزة تقييماً عالياً لجميع الأنشطة ذات الأوجه المتعددة التي تُنفذ في الجمهورية لصالح الشعب. شكراً جزيلاً!
في الختام، أود أن أقول إننا منفتحون للتعاون مع مؤسسة الآغا خان للثقافة. في الوقت الحالي، يشارك علماء من أكاديمية العلوم بجمهورية تتارستان وجامعة قازان الفيدرالية بنشاط في الدراسة العلمية المتعلقة بطريق الحرير العظيم وطريق فولغا الكبير. منذ أوائل العقد الأول من القرن العشرين، عُقدت مؤتمرات علمية وندوات وموائد مستديرة حول هذا الموضوع. يعتبر موضوع طريق الحرير العظيم أيضاً ذو صلة بـ"تتارستان". لقد قرر العلماء أن ممرات الفولغا والقوقاز وسيبيريا تشكّل أهمية كبيرة بالنسبة للاتحاد الروسي، وقد بدأنا تعاوناً نشطاً ذو صلة مع بلدان آسيا الوسطى: كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان. في عام 2018، شارك ممثل الخبراء لدينا وقدم عرضاً تقديمياً في الاجتماع الخامس للجنة التنسيق للبلدان الحدودية المشاركة في الترشح لليونسكو من خلال طريق الحرير العظيم، والذي يجمع أكثر من 12 بلداً. ومن المقرر بحلول نهاية هذا العام عقد اجتماع للجنة التنسيق السادسة في إيران.
بالنظر إلى أن تتارستان تمتلك أخصائيين وعلماء مؤهلين تأهيلاً عالياً، وخبراء معترف بهم من معاهد اليونسكو، يمكن لسموّك المشاركة في العمل المشترك بشأن تطوير مشروع لدراسة ممرات محددة من طريق الحرير العظيم. آمل أن نجد أرضية مشتركة في تنفيذ عدد من المشاريع الأخرى التي تهدف إلى تحقيق أهدافنا النبيلة المشتركة!
مع تمنياتي لكم بالمزيد من التطور والازدهار.