كل دقيقتين، تفقد أمٌّ حياتها بسبب مضاعفات الحمل. تُواجه غالبية النساء في البلدان المنخفضة الدخل هذا الخطر، حيث تقلّ فرص بقائهن على قيد الحياة بمقدار 36 مرة مقارنة بالنساء في الدول الأكثر ثراءً. وداخل البلد الواحد، تختلف المخاطر التي تُهدد الأم والطفل بشكل كبير أيضًا، فمن المرجّح أن ينجو الرضيع في عامه الأول إذا كان يعيش في منطقة حضرية بدلًا من منطقة ريفية. ما الذي يسبب هذا التفاوت؟ وكيف يمكننا المساعدة؟

تستند الأرقام البارزة إلى بيانات منظمة الصحة العالمية.

كل دقيقتين، تُفقد أمٌّ حياتها بسبب مضاعفات الحمل، بينما يواجه 17 طفلًا الموت؛ 8 في حالات وفاة جنينية و9 أطفال حديثي الولادة.

في المناطق الريفية، تفتقر العديد من النساء إلى فرصة زيارة الطبيب أثناء الحمل، وغالبًا ما تحدث الولادة في المنزل. وفي حالات الطوارئ أثناء الولادة، قد يصبح الوقت المستغرق للوصول إلى أقرب مرفق صحي هو الحد الفاصل بين الحياة أو الموت.

تلعب القابلة المجتمعية دورًا حيويًا في دعم صحة الأم والرضيع في المناطق النائية، حيث تمتلك معرفة شاملة بالتاريخ الصحي للعائلة، والمخاطر المحتملة التي قد تؤثر على الولادة. لا تقدم الإرشادات الهامة خلال فترة الحمل فحسب، بل تُسهم أيضًا بتوفير الدعم الفوري والمساندة خلال الولادة، كما أنها تقدم الدعم للأم والطفل حديث الولادة بعد ذلك.

يُمكن أن تُسهم الرعاية المُقدمة من قبل القابلات المُدربات والمُختصات بشكل عالي في تفادي ما يصل إلى 83% من حالات وفاة الأمهات، الولادات المُبكرة ووفيات الرُضّع.

في إطار سعينا لدعم صحة الأم والطفل، قمنا بتأهيل 7,000 ممرضة وقابلة إلى مستوى الشهادة الجامعية في كل من شرق إفريقيا وباكستان. بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتدريب الآلاف من الممرضات والقابلات المجتمعيات على الرعاية الصحية الأولية في المناطق التي تفتقر إليها بشكل كبير. شملت هذه الجهود تدريب نساء في أفغانستان، حيث تم توزيعهن على المناطق الريفية، ممّا أسهم في زيادة عدد الولادات التي تتم تحت إشراف القابلات المُؤهلات.

يحظى الطفل الذي يتلقى العناصر الغذائية الصحيحة خلال أول 1,000 يوم من حياته - من مرحلة الحمل إلى سن الثانية - بفرصة أكبر للنمو السليم، والتفوق الدراسي، والحفاظ على صحة جيدة طوال حياته، وإنجاب طفل سليم في المستقبل.

بدون الحصول على العناصر الغذائية الأساسية، يرتفع خطر إصابة الأطفال حديثي الولادة بتدني الوزن عند الولادة. تُعد هذه المشكلة الأكثر شيوعًا في المناطق الريفية، وتزيد احتمالية وفاة الرضع بسببها بمعدل 20 مرة. ولهذا السبب، نعمل في 10 دول في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا على توفير مكملات الفيتامينات والمعادن للأمهات الحوامل والجدد، كما نُدرب العاملين في مجال الرعاية الصحية على اكتشاف سوء التغذية وعلاجه، بالإضافة إلى توعيتهم بأهمية دعم التغذية الجيدة والرضاعة الطبيعية. اقرأ المزيد

انخفاض وزن المواليد عند الولادة يزيد من احتمالية وفاة الرضع بمعدل 20 مرة.

"تتمثل أولويتنا القصوى في الوقاية من نقص وزن الأطفال حديثي الولادة منذ اللحظة الأولى"، هذا ما تؤكده الدكتورة كلوديا هدسبث، المسؤولة عن الصحة والتغذية العالمية في مؤسسة الآغا خان. وتضيف: "عملنا لا يقتصر على الأطفال والأمهات الحوامل فحسب، بل نولي اهتمامًا بالغًا أيضًا لتغذية الفتيات في سن المراهقة. إن استراتيجيتنا تشمل جميع الفئات العمرية، ونحرص على توفير التغذية الكافية للأم خلال فترة الحمل للحيلولة دون تعرض الجنين لسوء التغذية. وفي حالة تعرض الطفل لسوء التغذية، نتخذ الإجراءات العلاجية السريعة لضمان إعادته إلى مسار النمو الصحيح".

تواجه المرأة الحامل التي تشرب الماء المالح مخاطر صحية تؤدي إلى حدوث مضاعفات خلال وبعد الولادة. ففي حال افتقارها إلى المراحيض، قد تُقلّل من شرب الماء وتُصاب بالجفاف. ناهيك عن احتمالية تلوّث يدي القابلة التي تُساعدها نتيجة قلة توفر المياه النظيفة. وإذا كان ماء الشرب ملوثًا بمياه الصرف الصحي، فقد تُصاب المرأة بإسهالٍ حادّ يُهدد حياتها. ويُعدّ الإسهال أيضًا سببًا رئيسيًا لوفاة الأطفال دون سن الثانية.

تُعاني المناطق الريفية من مخاطر صحية أكبر بسبب ضعف بنية التحتية لشبكات المياه. وتُعدّ المياه النظيفة، والمراحيض، والنظافة الجيدة من الحلول الأساسية لمواجهة هذه المخاطر. نقدم مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي لأكثر من 1.7 مليون شخص. وتساعد وكالاتنا المجتمعات المحلية على تحديد مصادر المياه، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الوعي بالصحة والنظافة.

في المناطق النائية، يُعد الحصول على الرعاية الطبية بالنسبة للنساء الحوامل أمرًا صعبًا ومكلفًا، حيث يتطلب الأمر غالبًا عدة أيام من السفر ومصاريف تعادل أجر أسبوع كامل.

تعمل وكالات شبكة الآغا خان للتنمية (AKDN) على إزالة العقبات التي تُواجهها النساء الحوامل في الحصول على الرعاية الطبية في المناطق النائية، بدءًا من إزالة الثلوج من الطرق بعد الانهيارات الجليدية وإعادة بناء الجسور المتضررة من الفيضانات، وصولًا إلى توفير تقنيات متطورة مثل الاستشارات عن بعد وتطبيقات الصحة الرقمية في أكثر من 100 منشأة صحية. وقدّمت الوكالات بالفعل أكثر من 80,000 استشارة طبية عن بعد.

بالإضافة إلى ذلك، تُقدم مجموعات الادخار المجتمعية، إلى جانب جهودها الأخرى، صناديق للصحة الطارئة لِمُساعدة الأسر على تخطّي التكاليف الطبية غير المتوقعة. تتذكر غول ماهور، التي تُدير صندوقًا كهذا في ناصر أباد بباكستان، أثر هذه المبادرة: "ففي أيام حملها الأخيرة، تم تحويل امرأة إلى غيلغيت، على بعد 80 كيلومترًا، لإجراء عملية جراحية. حضر زوجها في منتصف الليل مُطالبًا بالمساعدة لتأمين تكاليف النقل. ولحسن الحظ، تكلّلت العملية بالنجاح، وأصبحت الأمّ الآن تتمتع ابنتها بصحة جيدة".

يشدّد هايس والرافين، مدير الصحة في شبكة الآغا خان للتنمية، على أن التفاوت الكبير في رعاية الأمومة والطفولة يُلقي الضوء على ضرورة توفير خدمات فعالة وسهلة الاستخدام بأسعار معقولة. ويرى أن ذلك يتطلب بشكل أساسي معالجة قيود النظام الصحي. ويُضيف: "يُمكن لمقدمي الخدمات من القطاع الخاص غير الهادف للربح، مثل مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية (AKHS)، لعب دور هام في دعم الأنظمة الصحية المُنهكة من خلال إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص. ممّا يُتيح توسيع نطاق الفوائد لتشمل عددًا أكبر من السكان".

في باكستان، تتعاون الحكومة مع منظمات غير حكومية مثل مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية (AKHS) لإدارة شبكة واسعة تضم 2,000 منشأة صحية أساسية، تنتشر في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الريفية النائية. وبفضل هذا التعاون، باتت الأمهات الحوامل في تلك المناطق، قادرات على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، والحصول على الرعاية اللازمة من خلال المرافق القريبة.

تُساهم المنظمات غير الحكومية (المنظمات غير الربحية) بدورٍ هام في تحسين الخدمات الصحية من خلال الاستفادة من البنية التحتية الموجودة. فعلى سبيل المثال، تُجري شبكة الآغا خان للتنمية (AKDN) وشركاؤها في منطقة غيلغيت-بالتستان الجبلية تجربة رائدة لتوزيع حقائب الولادة النظيفة من خلال عاملات الصحة المجتمعيات في باكستان.

في تنزانيا، أسهمت التحديثات المُدخلة على مستشفى نانسيو بجزيرة أوكيروي النائية، والتي تضمنت تجهيزات حديثة وغرف عمليات وكادر مؤهل، في إعفاء الحوامل من مشقة السفر بالعبّارة إلى اليابسة لتلقي العلاج المتخصص. هذه التطويرات، التي جاءت ثمرة تعاون بين كندا وتنزانيا وشبكة الآغا خان للتنمية، تُشكل جزءًا من مبادرة واسعة النطاق لرفع مستوى الخدمات الصحية لأكثر من 700,000 امرأة ورضيع، حيث شملت الإصلاحات مستشفى نانسيو و79 مرفقًا صحيًا آخر في الإقليم.

تعرَّف على نهج شبكة الآغا خان للتنمية (AKDN) في تحسين الرعاية الصحية في الدول ذات الدخل المنخفض.