تواجه طاجيكستان تحديات جمّة في مجال الأمن الغذائي والتغذية، حيث تعتبر 7% فقط من أراضيها مناسبة للزراعة، وتقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن 97% من تلك الأراضي تعاني من تدهور التربة. ونتيجة لذلك، تضطر طاجيكستان لاستيراد أكثر من نصف مدخلاتها الزراعية وثلاثة أرباع غذائها.

إضافةً إلى ذلك، تواجه طاجيكستان ضغوطًا على قدرتها في الزراعة وشراء الغذاء، نتيجة لتأثيرات التغيّر المناخي على درجات الحرارة وتوافر المياه، كما تعاني البلد من معدل نمو سكاني مرتفع. تتسبب الصدمات المفاجئة مثل جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا بتقلبات في الأسعار العالمية، مما يؤثر على الوضع الغذائي لطاجيكستان.

حققت حكومة طاجيكستان نجاحًا ملحوظًا في زيادة إجمالي الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 9% في إطار الاستراتيجية الوطنية السابقة للتنمية، التي تضمنت استصلاح الأراضي وتسوية الديون الزراعية وإجراء إصلاحات في القطاع الزراعي. وفي إطار استراتيجية التنمية الوطنية حتى عام 2030، تعمل الحكومة حاليًا على تعزيز تنمية القطاع الزراعي وتعزيز مراقبة التغذية ودعم الواردات، بهدف ضمان الوصول الاقتصادي والمادي إلى الأطعمة المغذّية.

تدعم شبكة الآغا خان للتنمية (AKDN) إنتاج الغذاء والتغذية من خلال عدة جوانب مختلفة. تعمل الشبكة على البحث عن المدخلات المناسبة مثل البذور، وتحديد مصادرها وتوزيعها بشكل فعال. كما تسعى لزيادة الإنتاجية من خلال تقديم التدريبات اللازمة، وبناء البنية التحتية الريفية مثل قنوات الري، وتوفير المعدات اللازمة لمعالجة المنتجات بعد الحصاد وتخزينها بشكل سليم. بالإضافة إلى ذلك، توفر الشبكة الدعم الغذائي للأمهات والأطفال والمراهقين المعرضين لخطر التقزّم.

أبحاث

يقوم معهد أبحاث المجتمعات الجبلية (MSRI)، التابع لجامعة آسيا الوسطى (UCA)، بتنفيذ ثلاثة مشاريع بحثية تتعلق بالأمن الغذائي وأنظمة الغذاء ضمن إطار مبادرة "ازدهار طاجيكستان"، وهي شراكة بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ومؤسسة الآغا خان (AKF). تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز الخدمات الاجتماعية والحوكمة والإدماج الاقتصادي في المناطق الحدودية من خلال:

• تحسين جودة النمط البيئي لحيوان الياك في جبال "بامير" من خلال عمليات التقييم والاختيار.
• اختبار أصناف مختلفة من القمح الربيعي والشتوي التي تتمتع بمقاومة للأمراض وتوزيعها على المزارعين المحليين ووكلاء الإرشاد الزراعي الحكوميين والمنظمات غير الحكومية التنموية في إقليم غورنو- باداخشان، المتمتعة بالحكم الذاتي.
• التعاون مع حدائق كولوب النباتية في خاتلون لرسم خرائط توزيع الأصناف البرية للنباتات المثمرة في المراعي الجبلية، وحفظها في المشاتل، وتدريب المجتمعات المحلية على زراعتها والحفاظ على أنظمة إنتاج الغذاء للمستقبل.

مدخلات عالية الجودة

يقول حمزة، مزارع بطاطا من خاتلون، "كنت أعمل ليلًا ونهارًا في أرضي، لكن في أسواقنا لا يتوفر فيها سوى بذور البطاطا المحلية التي تعاني من العديد من الأمراض. جزء كبير من المحصول كان ذو جودة ضعيفة للغاية، ولم نستطع أكله أو بيعه أو استخدامه في المحاصيل التالية".

لذلك، قرر حمزة الانضمام إلى أحد "صناديق القروض المتجددة للمدخلات الزراعية (AIRFs)" التي تم إنشاؤها بالتعاون بين مؤسسة الآغا خان والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بالشراكة مع المجتمعات المحلية. تتولى اللجان الزراعية المحلية في القرى إدارة هذه الصناديق، وتقوم بتوفير مبالغ مالية يمكن للمزارعين الاستفادة منها لشراء مستلزمات الزراعة مثل البذور والأسمدة. بالإضافة إلى ذلك، يتم تقديم تدريب للمزارعين في اختيار البذور وممارسات الإنتاج، وتقنيات التعامل وتخزين البذور بعد الحصاد.

عملت مؤسسة الآغا خان والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع المزارعين المحليين في طاجيكستان لاختيار وشراء بذور البطاطا من نوع بيغروسا، التي تتميز بنموها الجيد في هذه المنطقة ومقاومتها العالية للأمراض. تسلم حمزة 100 كيلوغرام من بذور البطاطا، وقام بزراعتها على مساحة ثلاثة أفدنة من أرضه مستفيداً من تدريبه الزراعي. وصرّح قائلاً: "تمكنت من إنتاج 900 كيلوغرام من البطاطا عالية الجودة". قمنا بتخزين 150 كيلوغرام من بذور البطاطا لموسم الزراعة القادم، وقمنا بيع 300 كيلوغرام وحققنا دخلاً جيدًا، ونستخدم الآن 330 كيلوغرام كطعام لعائلتي. قمت بإعادة 120 كيلوغرام من بذور البطاطا إلى "صناديق القروض المتجددة للمدخلات الزراعية" لدعم المزارعين المحليين الآخرين. الآن، أنا واثق من أنه حتى في حالة حدوث نقص في الغذاء أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أي وقت، سيكون لدينا البطاطا المتاحة للاستهلاك العائلي، وسنتمكن من تخزين المحاصيل للموسم المقبل وتحقيق دخل من مبيعاتها.

الري

نفذت مؤسسة الآغا خان حتى الآن 600 مشروعاً للري، حيث يتم إدارة شبكات القنوات بواسطة جمعيات المستخدمين المحليين لنقل المياه من الأنهار إلى الحقول عبر قنوات أصغر حجمًا. وقد ساهمت هذه الجهود بتحسين إدارة الأراضي وزيادة الإنتاجية الزراعية، مما ساعد حوالي 720,000 شخص على تعزيز أمنهم الغذائي وزيادة دخولهم.

تم إنشاء قناة الري في قرية شمتوش في الحقبة السوفيتية باستخدام الحجارة والطين. وأوضح السيد مورود، القائد الحالي لفريق بناء قناة الري، أن 70 في المئة من المياه تتسرب إلى الأرض على طول الطريق، في حين يستغرق الباقي أربع ساعات للوصول إلى وجهته.

تم توفير مواد البناء للسكان القرويين لإنشاء قناة خرسانية طولها 400 متر، ضمن برنامج إدارة الموارد الطبيعية الممول من الاتحاد الأوروبي ومؤسسة الآغا خان في عام 2022. ووفقًا للسيد مورود، تروى الآن 50 هكتارًا من الحقول في ساعة واحدة بفضل هذه القناة. كما منح البرنامج للسكان تمويلًا لبناء 300 متر إضافي من القناة، ويعملون أيضًا على بناء طريق بجانب القناة الجديدة، مما يقلص من المسافات المقطوعة يومياً بالنسبة للأطفال للذهاب إلى المدرسة في قرية قرقطودة المجاورة.

التخزين

يمتلك المزارعون في منطقة دستي في مقاطعة خاتلون القدرة على إنتاج ما يصل إلى 20 طنًا من الرمان لكل هكتار، ويتم بيعها في خاتلون وعلى مستوى البلاد. ساعدت مبادرة "ازدهار طاجيكستان" 125 مزارعًا على تنظيم أنفسهم ضمن مجموعة لزيادة الإنتاجية وتوسيع وصولهم إلى الأسواق.

تمتلك المجموعة 62 هكتارًا من حدائق الرمان، وتنتج أكثر من 100 طن سنويًا، ولكنها تعاني من فقدان كبير بسبب التلف. قامت مبادرة "ازدهار طاجيكستان" بتحويل مبنى قديم إلى منشأة تخزين بمساحة 140 مترًا مربعًا للحفاظ على محصولهم، حيث يتطلب تخزين الرمان مستويات منخفضة من الأكسجين ودرجة حرارة تتراوح بين 2 و6 درجة مئوية. تساعد معدات تكييف الهواء والجدران المكونة من طبقتين والأبواب المحكمة الإغلاق في الحفاظ على الرمان طازجًا لمدة تتراوح بين أربعة إلى خمسة أشهر.

قال قائد المجموعة خورشيد بوريف: "أنقذ التخزين 50 طنًا من الرمان من التلف". وأضاف: "بعض المزارعين حجزوا مساحة في مستودع المجموعة لموسم الحصاد القادم. يأتي رجال الأعمال إلينا من دوشانبي وخوجاند لشراء الرمان بسعر 10 سوموني "10 TJS" (0.90 دولار) للكيلوغرام الواحد. يعتبر الأمر مربحًا للمزارعين حيث لا يضطرون لتحمل تكاليف النقل".

التَغذِيَة

انخفضت معدلات سوء التغذية خلال العقد الماضي، ومع ذلك، في بداية عام 2023، قدر برنامج الأغذية العالمي أن 30% من سكان طاجيكستان يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل، وبالتالي فهم غير قادرين على تناول وجبات صحية ومغذية بانتظام. لهذا السبب، تهدف مبادرة الحد من التقزم في آسيا الوسطى التابعة لمؤسسة الآغا خان للتنمية إلى الوقاية من التقزم وعلاجه وتحسين التغذية للمجتمع بأكمله، وذلك لدعم جهود الحكومة في كسر حلقة سوء التغذية عبر الأجيال.

يتم تدريب ودعم الموظفين في المرافق الحكومية لتقييم وزن الأطفال خلال 24 ساعة من الولادة، وتحديد الأطفال الذين يعانون من انخفاض الوزن عند الولادة، وإحالة الأطفال الذين يزنون أقل من 1.5 كجم إلى وحدات العناية المركزة. كما يتم توفير المغذيات الدقيقة والمكملات الغذائية مثل العصيدة المدعمة للنساء الحوامل والمرضعات ذوات الوزن المنخفض، بالإضافة إلى الرضّع والمراهقين.

يتم تنفيذ هذا النهج المتعدد القطاعات في طاجيكستان لضمان الأمن الغذائي وتحسين التغذية عن طريق دمج الابتكار والحفاظ على الموارد. يعمل هذا النهج على دعم المزارعين والشركات الصغيرة والفرق الطبية في طاجكستان. يكمل هذا البرنامج أيضًا أنشطة الري وتوفير المياه النظيفة التي تقوم بها شبكة التنمية الآغا خان للتنمية لتعزيز التقدم في تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية من خلال تحسين البذور واعتماد تقنيات زراعية جديدة ومساعدة المنتجين الزراعيين على الوصول إلى الأسواق.