India · 20 إبريل 2016 · 3 دقائق
أنهى صندوق الآغا خان للثقافة في سبتمبر من عام 2013 ترميم حديقة مقبرة الإمبراطور المغولي همايون التي يعود تاريخ إنشائها إلى القرن السادس عشر، حيث تعتبر هذه الحديقة الدرة النفيسة لعمارة المغول قبل بناء تاج محل. وتطلبت استعادة أبهة المقبرة المغولية ستة أعوام من أعمال الترميم و200 ألف يوم عمل مجموعةٍ من أبرز الحرفيين.
واستند إتمام الترميم إلى التعهّد الذي قطعه سمو الآغا خان على نفسه لترميم حدائق المقبرة في عام 1997 بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الهند. وشهدت مبادرة التجديد الحضري، التي قام صندوق الآغا خان للثقافة بتطبيقها بالتعاون مع هيئة المسح الأثري في الهند والعديد من الهيئات الحكومية وشركاء التمويل المشترك، تنفيذ العديد من الأعمال منذ عام 2007، ابتداءً من ترميم ما يزيد عن 30 ضريحاً، ومروراً بإنشاء منتزهٍ في مجمّع "ساندر نيرسري باتاشيوالا" بمساحة 36 هكتاراً (90 فدّاناً) عبر برنامج شامل للمناظر الطبيعية، ووصولاً إلى ما تم تنفيذه من تحسيناتٍ كبيرة على مستوى جودة حياة المقيمين في حي حضرة نظام الدين باستي الذي يزخر بسبعة قرونٍ من الثقافة الحيّة.
وطُلب من الحرفيين إزالة مليون كيلوغرام من خرسانة الأسقف وآلاف الأمتار من إسمنت الجدران والأسقف والأرضيات وجميع الهياكل الموجودة داخل سور الحديقة، وذلك بهدف ترميم ما قدمه بناة مقبرة همايون المغول من تصاميمٍ أصلية شوهتها أعمال القرن العشرين. كما توجّب على الحرفيين ترميم مفاصل القبّة الحجرية باستخدام الجير المخصص لملء الفراغات، ما أتاح للقبة التمتّع بالقدرة على مقاومة المياه. كما قام الحرفيون بإعادة بناء القنطرة المنهارة من جدار سور الحديقة بالتزامن مع ترميم قرميد القبب السقفية المظللة، وهو ما سمح بإعادة إحياء مهارات صناعة القرميد في الهند. وتم وضع 21 ألف متر مربّع (225 ألف قدم مربّع) من الجص الجيري بصفةٍ أساسية على السطح الداخلي من القبة المزدوجة وعلى الأضرحة الـ68 الصغيرة الموجودة في الطابق الأرضي. كما قام الحرفيون بإعادة تنسيق 5400 متراً مربّعاً (58 ألف قدم مربّع) من الحجر الرملي الموجود في الشرفة، علماً بأنه تم اتباع الأنماط والانحدارات الأصلية. ومن الأعمال الأخرى التي قام بها الحرفيون رفع 3700 متراً مربّعاً (40 ألف قدم مربّع) من القواعد الحجرية التي دفنت تحت إسمنت القرن العشرين.
وشهد المشروع تطبيق منهجية ترميمٍ حِرفية الطابع وقدّمت نموذجاً لإحياء المهارات سريعة الاختفاء وتوفير فرص العمل، بالتزامن مع التشديد على ضمان التطابق مع معايير الحرف في عصر مغول الهند.
وإلى جانب أعمال الترميم التي شهدتها مقبرة همايون، فقد تم ترميم عددٍ من الأضرحة المجاورة، بما في ذلك، ضريح نيلا جومباد، وحديقة ضريح عيسى خان، وحديقة ضريح بو حليمة، وبوابات عرب سراي، وبرج "ساندر والا محل"، ومجموعة أضرحة "باتاش والا"، وضريح "تشوساث خامبا"، وبئر حضرة نظام الدين باولي المتدرّج.
وسبق جميع أعمال الترميم برنامجٍ من البحث الأرشيفي العميق والتوثيق الشامل، حيث تضمّن هذا البرنامج المسح الضوئي المتطور وثلاثي الأبعاد بأشعة الليزر ومراجعات الأقران المستقلين. وأشرف على هذه العملية فريقٌ متعدد التخصصات ضم في صفوفه، على سبيل المثال لا الحصر، مهندسين معماريين مختصين في عمليات الترميم، ومهندسين متخصصين بالأعمال الأثرية، ومؤرخين.
وترافقت عملية الترميم مع مشاريع تسعى إلى الارتقاء بجودة حياة المقيمين في منطقة حضرة نظام الدين باستي المجاورة، وكان ذلك بالتماشي مع الهدف العام لصندوق الآغا خان للثقافة والمتمثل في الاستفادة من الثقافة بطرقٍ تحفّز التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وجرى تحسين منتزهات الحي إلى جانب ما تم تطبيقه من مبادرات في مجالات الصحة والتعليم والتدريب المهني، بالتزامن مع تحسين المساكن بالتشارك مع مالكي البيوت وتقديم الدعم للبلدية في أحد البرامج الرئيسية والمخصصة لتحسين الشوارع. وركز أحد برامج الإحياء الثقافي على الإرث الموسيقي لحضرة أمير خسرو، وهو شاعرٌ صوفي عاش في القرن الرابع عشر في المنطقة ويتواجد قبره فيها.
وتقدّم مبادرة التجديد الحضري نموذجاً لترميم مواقع التراث العالمي الموجودة في الهند وخارجها والتي قد تستفيد من شراكات المجتمع المدني والقطاع الخاص والهيئات العامة. كما تظهر المبادرة أهمية تزامن جهود الترميم مع برامج التنمية التي تعود بالفائدة على المجتمعات المحلية، وبما يجعل أعمال الترميم ذات معنى في المراكز الحضرية التاريخية.
للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني التالي: http://www.nizamuddinrenewal.org والإطلاع على النشرة الموجزة عن ترميم مقبرة همايون.