بقلم أونو روهل، المدير العام لوكالة الآغا خان للسكن

يعد وادي سيلغان شمالي باكستان أحد أكثر الوديان عزلةً في مقاطعة غيزر في جيلجيت-بالتستان، وتقع في نهايته قرية غاسوم فيليج. كما تتواجد في نهاية الوادي مجموعة من القرى على جزء من أرض مسطحة، مُحاطة من ثلاثة جوانب بالأنهار الجليدية الكبيرة. في يوم خريفي مشمس، مثل يوم 26 أكتوبر 2018، يبدو المكان وكأنه حلم أحد متسلقي الجبال وموقع رائع لقضاء عطلة مريحة بعيداً عن كل شيء. ورغم هذا، يبدو الواقع مختلف: فكل نهر جليدي يشكل تهديداً مباشراً للقرية، التي تواجه العديد من المخاطر مثل الفيضانات المفاجئة، وتساقط الصخور، وتدفقات الحطام، فضلاً عن فيضان البحيرة الجليدية نظراً لعدم الإستقرار المتزايد في الأنهار الجليدية في هذا الجزء من العالم.

اعتاد سكان المجتمع هنا على طبيعة هذه الحياة القاسية، وهم يتحركون بسلاسة لمواجهة ما يتهدد حياتهم. إلا أن المعاناة اليومية التي يكابدها المجتمع ليبقى بخير تطغى على كافة الأنشطة الأخرى، خاصةً بالنسبة للنساء، أضف إلى ذلك كله أن البرامج الحكومية التي من شأنها توفير المياه والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية تبدو محدودة للغاية.

هذه الأسباب دفعت شبكة الآغا خان للتنمية لإعطاء أولوية لبرنامج مخصص لسكان الوادي في جيلجيت- بالتستان وشيترال شمالي باكستان. حيث يقوم البرنامج بإجراء تغيير في الأولويات رأساً على عقب: فيستهدف بصورةٍ أولية الوديان البعيدة.

جاءت زيارتي في 26 أكتوبر 2018 للاحتفال بنجاح برنامج تمديد شبكات المياه والصرف الصحي التابع لوكالة الآغا خان للسكن في تركيب صنبور مياه صالحة للشرب لكل أسرة في وادي سيلغان، وكذلك في أربعة أودية أخرى ذات أولوية، وذلك بدعم من منظمة الصحة العالمية. لقد أدى هذا إلى قلب العالم رأساً على عقب: في أقصى مكان يمكن للمرء أن يتخيله، تم تحقيق تغطية بنسبة 100%. قام زملائنا من وكالات شبكة الآغا خان للتنمية الأخرى أيضاً بعمل رائع في قطاعاتهم. هناك الآن مدارس جيدة، فضلاً عن إمكانية الحصول على الرعاية الصحية وبرنامج مكثف لمواكبة سبل العيش.

وبما أن اليوم هو اليوم العالمي للمياه، فهو يشكّل عيداً لنا في برنامج تمديد شبكات المياه والصرف الصحي! على مدى 20 عاماً، وفّر برنامج تمديد شبكات المياه والصرف الصحي مياه ذات جودة عالية حسب تقييم أجرته منظمة الصحة العالمية لأكثر من 100 ألف أسرة شمالي باكستان، أي أكثر من نصف مليون شخص. أفضل ما في الأمر هو أن أنظمة المياه التي يبلغ عمرها 20 عاماً الآن لا تزال تعمل بفضل المعايير التقنية العالية، ونهج المشاركة المجتمعية الذي يضمن الصيانة المناسبة لشبكات المياه.

بفضل هذا البرنامج، أصبح لدى الفتيات في المجتمع الآن الوقت للذهاب إلى المدرسة ومتابعة أحلامهن، وهو ما يغيّر من نوعية حياة أُسرهن. انخفضت معدلات حالات الإسهال على نحو كبير، ما ساهم في تحسين مستوى المعيشة، ورفع سوية نتائج التعلم، إضافةً إلى فوائد كثيرة أخرى.

إننا نأمل في تغطية كافة المناطق في الوديان الأخرى ذات الأولوية هذا العام، وقد بدأنا برنامجاً طموحاً لتوفير المياه لجزء كبير من مدينة جيلجيت وضواحيها، بالتعاون مع حكومة جيلجيت-بالتستان. في الوقت نفسه، نقوم بحشد مناهج برنامج تمديد شبكات المياه والصرف الصحي في طاجيكستان مع زملائنا من برنامج دعم تنمية المجتمعات الجبلية، وستكون أفغانستان هي التالية. ستكون المياه أولويةً لنا في كل يوم، وليس فقط في اليوم العالمي للمياه...