طاجيكستان · 7 مارس 2019 · 3 الحد الأدنى
تتذكر مغفرة عبد الله إيفا كيف أنها كانت تحلم دائماً بمساعدة الناس، لكن حياتها كطبيبة في خجند، طاجيكستان، المدينة الصغيرة المزدحمة وإحدى أقدم المدن في آسيا الوسطى، كانت عبارة عن أيام طويلة، مُملة ولا تطاق، فالأجهزة الطبية قديمة عفا عليها الزمن، فضلاً عن أن المدينة تعاني نقصاً في الموارد البشرية، ومعدل الأجور فيها متدنٍ للغاية. وباعتبارها أماً لطفلين وزوجة طبيب، وجدت مغفرة نفسها تكافح لتلبية احتياجات أسرتها.
من طبيبة إلى رائدة أعمال: بداية جديدة
تعرّفت مغفرة عام 2000 على برنامج للاندماج المالي بالقرب من منزلها يقوم بتوفير التدريب على المهارات التجارية للنساء اللواتي يفكرن في الأعمال الريادية.
أثناء التدريب اكتشفت بنك التمويل الصغير الأول، ما جعلها تفتح عينيها نحو الحصول على فرصة لتحقيق حياة أفضل. بعد عملها لمدة 20 عاماً في القطاع العام، قالت وداعاً لحياتها كطبيبة، حيث تقدمت بطلب للحصول على قرضها الأول بقيمة 20 ألف دولار أمريكي، ثم قامت باستئجار محل في وسط المدينة وعملت في مجال بيع الأقمشة.
ونتيجة تغيير مهنتها، سرعان ما زاد دخل مغفرة إلى ثلاثة أضعاف مقارنة مع ما كانت تنتجه كطبيبة، ما سمح لها بالاستثمار والاهتمام على نحو كبير في ولديها، وأصبحت بالتالي المعيل الأساسي لأسرتها.
توسيع أعمالها
بعد مضي ثلاثة عشر عاماً، كان عمل مغفرة يسير بسلاسة ما شجّعها على القيام بالمزيد. وإدراكاً منها للحاجة إلى وجود مكان يُمكّن جيرانها من الحصول على المواد الغذائية الأساسية بسرعة وسهولة، تقدمت بطلب للحصول على قرض آخر، واشترت متجراً فارغاً في زاوية الشارع الذي تسكن فيه، وقامت بإدارة كلا العملين بالتوازي، فضلاً عن قيامها بتوظيف زوجة ابنها وثلاث نساء من أفراد المجتمع ممن كُنّ عاطلات عن العمل وبحاجة إلى دخل. لم تكن مغفرة تقوم فقط بمساعدة أسرتها ومجتمعها فحسب، بل شعرت أيضاً بأن لديها القدرة للعمل كسيدة أعمال.
تقول مغفرة: "لقد قمت بأول عمل من أجل أبنائي، لكنني اشتريت هذا المتجر لنفسي". في طاجيكستان، تواجه صاحبات المشاريع عدداً من التحديات الإضافية والعوائق الفريدة أمام النجاح مقارنة بنظرائهن من الرجال.
ورغم ذلك، تظهر الدراسات أنه حينما تتحسن مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي وفي السيطرة على الأصول المالية، فإن ذلك يقابله زيادة في المنافع الإجتماعية والتقليل من نسبة الفقر ومن عدم المساواة في الأسر والمجتمعات.
عندما تكون المرأة بخير، يكون الجميع بخير
يعمل حالياً الابن الأكبر لمغفرة، الذي يعيش في الولايات المتحدة، في مجال برمجة الكمبيوتر، وهو حاصل على شهادة جامعية من كولورادو، في حين تخرّج ابنها الأصغر من الكلية الأمريكية في بيشكيك، جمهورية قرغيزستان، ويشغل منصب مدير شركة الإنشاءات الدولية في آسيا الوسطى. وكلاهما متزوجان ولديهما أطفال، وقد استفادا إستفادة كاملة من الفرص التي وفرتها طموحات والدتهما لتزويدهما بحياة أفضل. تعتبر مغفرة الآن إحدى أشهر تجار الجملة في المدينة، وغالباً ما تسافر إلى الصين والهند وأوزبكستان وجمهورية قيرغيزستان لاستيراد النسيج. لقد استثمرت الأرباح التي حققتها من أعمالها على نحو كبير في مجتمعها وأطفالها وأحفادها.
تشير مغفرة: "إنني رائدة أعمال، لديّ أطفالي وأحفادي وعملي، لقد استثمرت فيهم. إنهم يعملون ولديهم حياتهم الخاصة، لكننا لا نزال عائلة. لا أشعر بالندم لقيامي بترك مهنتي كطبيبة، وإنني ممتنة جداً للخدمات المصرفية التي أتاحت لي هذه الفرصة".
هذا المقال مقتبس من مقال نشر أصلاً على موقع مؤسسة الآغا خان في الولايات المتحدة الأمريكية. يمكن قراءة النسخة الأساسية هنا.