Canada · 10 يوليو 2019 · 4 دقائق
AKDN
بقلم جون ماكني، الأمين العام للمركز العالمي للتعددية
يشكل التنوع حقيقة الحياة العصرية لمعظمنا، وعند الاحتفال به ودعمه، يمكن أن يشكّل ذلك الأساس للابتكار والسلام والازدهار.
أكثر من أي وقت مضى، ومع الشعور المتنامي بعدم المساواة والإقصاء الإجتماعي، ومع تزايد تعداد القادة الشعبويين الذين يحرّضون الجماعات ضد بعضها البعض، فإننا بحاجة إلى ردودٍ بنّاءة تعتمد على التنوع، نحن بحاجة إلى أن تتبنى كل المؤسسات وكل الإرادات الشعبية الاختلاف كقوة من أجل نشر الخير، وذلك بدلاً عن زرع الخوف. وهذا ما نعتبره في المركز العالمي للتعددية – يقصد المؤسسات والإرادات الشعبية – على أنه "الأجزاء الصلبة" و"البرمجيات" الضرورية للتعددية.
التعددية فكرة صعبة التفسير: قد يكون من الأفضل فهمها عندما نراها تعمل. ولهذا السبب أطلق المركز العالمي للتعددية جائزة التعددية العالمية، التي تجري كل عامين، وهي تعترف بالأفراد والمنظمات الذين بدأ عملهم في تأسيس مجتمعات أكثر شمولية. إضافة إلى منح 50 ألف دولار كندي (38.310 دولار أمريكي) لكل فائز، حيث يعمل المركز معهم لزيادة ظهورهم وتوسيع شبكاتهم.
في عام 2017، مُنحت الجائزة الأولى لثلاثة فائزين وقدّمت التقدير لسبعة آخرين وذلك لجهودهم المستمرة، وبفضل التمويل والتقدير الممنوحين من قبل الجائزة، أحدث هؤلاء الفائزون الثلاثة فرقاً ملموساً خلال العام الماضي.
في كولومبيا، أوضح لنا المدافع عن حقوق الضحايا لينر بالاسيوس أسبريلا أن التعددية تعني ضمان أن يتمتع جميع ضحايا الحرب، بمن فيهم المجموعات العرقية المهمشة، بالسلام وأن يحصلوا على التعويضات. عمل لينر مع مجتمعه لإعادة بناء كنيسة بيلا فيستا التي تعرضت للتدمير بعد وقوع مجزرة بوجايا الشنيعة، وتحويلها إلى مركز تدريب مجتمعي يهتم بالسلام والتعددية. تم تعيين لينر في أمانة لجنة الحقيقة بين الإثنيات في منطقة المحيط الهادئ في كولومبيا، التي تمثل أكثر من 100 جماعة عرقية.
وفي أستراليا، أظهر دانييل ويب وزملاؤه في مركز قانون حقوق الإنسان أن التعددية تعني ضرورة احترام حقوق وكرامة طالبي اللجوء. في عام 2018، ركزت حملتهم المناهضة للاحتجاز غير الإنساني للاجئين في جزر مانوس وناورو على موضوع فصل العائلات، والوصول إلى الجماهير الوطنية والعالمية من خلال التواصل مع وسائل الإعلام. وعبر مقال نُشر في صحيفة الواشنطن بوست، لفت دانيال الانتباه إلى "متلازمة الاستقالة" (متلازمة الفصل والتي تؤدي إلى اضطرابات وحدوث صدمة نفسية) بين الأطفال المحتجزين، وهي حالة شبيهة بالغيبوبة المرتبطة بالصدمة. وقد ضَمنت القضايا القانونية التي تم رفعها أمام المحكمة الفيدرالية، في سبتمبر 2018، القيام بعمليات إجلاء طبي لـ160 شخصاً، من بينهم 43 طفلاً. ومنذ ذلك الحين تم لم شمل الأسر المنفصلة في أستراليا.
في البلدان الإفريقية التي مزقتها الصراعات، علمتنا أليس وايريمو نديريتو أن التعددية تعني أن تلعب المرأة دوراً ذو معنى كوسيط إجتماعي، وأنه يجب الترحيب بجميع الأعراق المحلية في عملية السلام. خلال عام 2018، وضعت دليلاً للوسطاء المجتمعيين من النساء يساعد الأطراف المتصارعة على احترام خلافاتهم كخطوة حاسمة نحو إحلال السلام. وبدعم من المركز، انضمت 20 امرأة من ستة بلدان إفريقية إلى مجموعة من الخبراء والأكاديميين الدوليين لتقديم ملاحظاتهم على مسودة الدليل. وعبر نقل رسالتها حول صنع السلام الشامل إلى جماهير أوسع، فقد استضفنا إطلاق النسخة الكندية من كتاب أليس بعنوان "سد الفجوات العرقية وبناء السلام: تجربة المفوض في التماسك والتكامل". وقامت في يوليو الماضي بإطلاع رؤساء الدول في قمة الإتحاد الإفريقي الحادي والثلاثين على التعددية بوصفها رد فعل على الإثنية.
يتطلع المركز إلى تقديم جولة ثانية من جوائز التعددية العالمية في نوفمبر. استقطبت دعوتنا للمتقدمين في مارس 2018: 538 مشاركة مدهشة من 74 دولة، أي بزيادة مضاعفة عن دورة الجائزة الافتتاحية. وبعد عدة جولات من التقييم بُذلت خلالها جهود كبيرة، إضافةً إلى مداولات لجنة التحكيم، تم الإعلان عن 10 مرشحين للتصفيات النهائية في يونيو.
تمثل الجوائز إحدى العوامل التي تدعم الجهود الدؤوبة لهؤلاء الأفراد والمنظمات الملهمة. ولكن مع إحلال الجدران (الحواجز) والسجون على نحو متزايد كحلول للمشاكل المعقدة التي تواجه البشرية، فإننا بحاجة إلى التوقف والاحتفال بعمل أولئك الذين قدموا لنا حلولاً أفضل.
شغل جون ماكني، الأمين العام للمركز العالمي للتعددية منذ عام 2011، منصب الممثل الدائم لكندا لدى الأمم المتحدة في نيويورك من عام 2006 إلى عام 2011، وباعتباره دبلوماسي ناجح، فقد شغل سابقاً منصب سفير كندا في بلجيكا، لوكسمبورغ، سوريا ولبنان، كما مثّل كندا لدى "مجلس أوروبا".
أسس سمو الآغا خان بالشراكة مع حكومة كندا المركز العالمي للتعددية، وهو عبارة عن مؤسسة خيرية مستقلة تقدم ردود إيجابية للتحدي المتمثل في العيش بسلام وإنتاجية في مجتمعات متنوعة.