كلمة ألقاها د. شمش قاسم لاكا, نارين، جمهورية قيرغيزستان · 19 أكتوبر 2016 · 6 الحد الأدنى
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الأعزاء، مرحباً بكم،
وأهلاً وسهلاً بكم في حفل افتتاح حرم جامعة آسيا الوسطى في نارين،
معالي السيد سورونباي جينبيكوف رئيس وزراء جمهورية قيرغيزستان،
سمو الآغا خان، مستشار الجامعة،
معالي السيد أمانباي كايبوف محافظ إقليم نارين،
الوزراء المحترمون،
أصحاب السعادة،
أصحاب الأيادي البيضاء، والضيوف الكرام،
أعضاء هيئة التدريس، والطلاب وموظفو الجامعة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُرحب بكم في هذا الحدث التاريخي بمناسبة افتتاح أول حرم جامعي سكني لكلية الفنون والعلوم بجامعة آسيا الوسطى. ندين في هذا اليوم الميمون بشكرٍ كبيرٍ للعديد من أعضاء هذه الجامعة، وعلى رأسهم مؤسسو هذه المؤسسة ورعاتها ورؤساء جمهورية قيرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وسمو الآغا خان، الإمام التاسع والأربعين لمجتمع المسلمين الشيعة الإسماعيليين، وهو مستشار جامعة آسيا الوسطى. كانت رؤيتهم لهذه المؤسسة العلمانية الخاصة غير الربحية، فضلاً عن توجيههم ودعمهم، من الأمور الأساسية التي ساهمت في تحقيق التقدم في هذه الجامعة الإقليمية التي تلبي احتياجات التنمية للمجتمعات الجبلية في الدول المؤسِسة وخارجها.
اسمحوا لي أن أُعبر عن تقديري للمساهمة الفكرية والعمل الجاد الذي قامت به اللجنة التنفيذية لمجلس جامعة آسيا الوسطى، إضافة إلى فرق البناء والأكاديمية والعمليات، فضلاً عن مساهمة أكثر من 100 متطوع من المجتمع الإسماعيلي على مستوى العالم، الذين قدموا بإيثار وقتهم وما يمتلكونه من معرفة مهنية، ولا ننسى بالطبع كرم المانحين الكرام.
ونوجّه التقدير أيضاً للمهندس الياباني أراتا إيسوزاكي، الذي منحتنا تصاميمه الرائعة للحرم الجامعي هنا في نارين، وكذلك في حرم خوروغ بطاجيكستان، وحرم تيكيلي في كازاخستان متعة التواجد في هذا المكان، حيث قام العديد من الاستشاريين بتنفيذ هذا التصميم بدقةٍ إلى جانب 600 من العمال والمقاولين، معظمهم من نارين ومن دولة قيرغيزستان.
نتوجه أيضاً بشكرٍ خاص إلى راعي الجامعة، فخامة الرئيس ألمازبيك أتامباييف على دعمه المستمر، وإلى حكومة جمهورية قيرغيزستان، إضافةً إلى حاكم إقليم نارين وعمدة نارين وجميع زملائهم الذين سهّلوا بناء هذه الجامعة، وتبنّوا بحرارة وود إنشاء جامعة آسيا الوسطى لتكون جزءاً من مجتمعهم.
يعمل حالياً طاقم الحرم الجامعي على تقديم جميع الخدمات المطلوبة، إلى جانب تقديم التدريبات، وتوفير فرص العمل بدوام كامل لأعضاء مجتمع نارين، إضافةً إلى أن النمو المستقبلي للجامعة سيسهم في توفير فرص مهمة للشركات المحلية ويدعم مجال التوظيف.
تعمل جامعة آسيا الوسطى على بذل المزيد من الجهود وتأمين الفرص على المستوى الإقليمي. هذا وتم بناء حرمها الجامعي السكني في خوروغ بطاجيكستان حسب الجدول الزمني، ويسعدني أن أقول إننا سنقبل الطلاب إن شاء الله في سبتمبر من العام المقبل، إضافةً إلى أن الحرم الجامعي في تيكيلي بكازاخستان من المتوقع أن يتم افتتاحه بعد بضع سنوات، ربما في عام 2019.
يصادف اليوم الانتهاء من المرحلة الأولى من ضمن أربع مراحل من عملية التنمية على المدى الطويل الخاصة بجامعة آسيا الوسطى. وقد تساءل الكثير من الناس كيف تمكّنا من إنشاء أكبر مشروع يتعلق بالقطاع الاجتماعي هنا في مدينة نارين الجبلية النائية التي تمتاز بالتضاريس الجبلية والظروف الصعبة.
قمنا بذلك عبر اتخاذ خطوة واحدة ومدروسة في لحظة محددة، حيث قامت الجامعة في البداية بجمع الخبراء من العديد من البلدان أثناء قيامها في نفس الوقت بإجراء تدريبات منهجية للمواهب المهنية الموجودة هنا في قيرغيزستان وفي أجزاء أخرى من آسيا الوسطى، وإننا نتوقع أن يحمل المواطنون على عاتقهم مسؤوليات أكبر. وتمتاز جامعتنا الإقليمية بأنها نموذج فريد من نوعها، فهي متجذّرة في سياقها وتستفيد من أفضل مصادر المعرفة حول العالم.
تُعد مؤسستنا الشقيقة جامعة الآغا خان من بين مصادر المعرفة، ولها فروع وبرامج في العديد من بلدان آسيا وإفريقيا ولندن بالمملكة المتحدة، إضافةً إلى أنها قدمت دعماً كبيراً لجامعة آسيا الوسطى في مجال تطوير العديد من الأنظمة الأكاديمية والإدارية.
اسمحوا لي أن أشرح بعض الميّزات الأخرى التي تُميّز جامعة آسيا الوسطى.
تُعد جامعة آسيا الوسطى أول مؤسسة في آسيا الوسطى "تلتزم بعملية التنمية" كهدف أساسي، وهي أيضاً أول جامعة إقليمية تمتلك ثلاثة مقرات جامعية في المدن الثانوية. توفر برامجها الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب فرصاً للتنقل بين الحرم الجامعي. ستشمل التخصصات هنا في نارين درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر والإعلام والاتصالات، في حين سنقدم في حرم خوروغ الجامعي قسم الاقتصاد وعلوم الأرض والبيئة، بينما سيقدم حرم جامعة آسيا الوسطى في تيكيلي بكازاخستان درجات علمية في إدارة الأعمال والهندسة.
هذا ويتم تنظيم عمل جامعة آسيا الوسطى من خلال ثلاث كليات منفصلة، بالإضافةً إلى كلية الآداب والعلوم الجامعية، التي نفتتحها هنا اليوم، ثمة كلية التعليم المهني والمستمر، وكلية الدراسات العليا للتنمية. قامت كلية التعليم المهني والمستمر منذ عام 2006 بتدريب 90 ألف متعلم. هذا وتشارك كلية الدراسات العليا للتنمية في مجالات البحث التي تجري في كافة الدول المؤسِسة الثلاث حول الموضوعات ذات الصلة من خلال معهد أبحاث المجتمعات الجبلية، ومعهد السياسة العامة والإدارة، ووحدة التراث الثقافي والعلوم الإنسانية.
تعمل جامعة آسيا الوسطى إلى جانب شراكتنا الراسخة والمزدهرة مع كلية سينيكا الكندية على إقامة روابط حول تطوير المناهج الدراسية مع العديد من الجامعات المشهورة في روسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.
تساهم الهيئة الطلابية والتدريسية بجعل جامعة آسيا الوسطى فريدةً من نوعها. يأتي نصف أعضاء هيئة التدريس لدينا من دول آسيا الوسطى، في حين يأتي الباقي من أربع دول أخرى، وقد تم اختيارهم جميعاً على أساس الجدارة.
تم اختيار الدفعة الأولى من جامعة آسيا الوسطى المكونة من 71 طالباً، وجميعهم حاضرون هنا اليوم من ضمن مجموعة تضم 600 طالب ممن تقدموا على أساس الجدارة الأكاديمية والصفات القيادية، وهم من الدول المؤسِسة الثلاث، إضافةً إلى أفغانستان وباكستان. وتشكّل الإناث منهم نسبة 40%، في حين أن 56% هم من المناطق الريفية والمدن الثانوية، وهذه كانت إحدى أكثر المفاجآت السارة التي حصلنا عليها نتيجةً لعملية القبول التي ننتهجها.
لكن هذا الإنجاز له ثمن، حيث تبلغ تكلفة تعليم كل طالب في جامعة آسيا الوسطى 32 ألف دولار سنوياً، يتم الاحتفاظ بالرسوم الدراسية ونفقات المعيشة عند 8 آلاف دولار. ورغم ذلك، وبفضل المساعدات المالية الكبيرة المقدّمة من سمو الآغا خان ومن الجهات المانحة الأخرى، ونظراً لظروفهم المالية، يدفع الطلاب وسطياً ما يعادل 1450 دولار سنوياً بعملتهم الوطنية. هذه التكلفة، كما يعرف الكثير منكم بالفعل، تعادل الرسوم التي تطلبها العديد من المدارس الثانوية الجيدة في آسيا الوسطى.
تهتم جامعة آسيا الوسطى بجمع الطلاب من خلفيات مختلفة، ما يجعلهم يكتسبون تقديراً واحتراماً تجاه التعددية، والتي تتميّز بقدرتها على تعليم وفهم الثقافات المختلفة، فضلاً عن تحطيم الصور النمطية المؤذية.
يمثل حفل الافتتاح لهذا اليوم نهايةً لرحلةٍ صعبةٍ في بناء هذا الحرم الجامعي، وهو في نفس الوقت يُشكّل بدايةً لرحلةٍ جديدةٍ مليئة بالتحديات، حيث تهدف هذه الرحلة إلى تطوير هذه المؤسسة التعليمية والحفاظ عليها، وليس فقط الاهتمام ببناء كلياتها، ولكن أيضاً تبنّي القيم والثقافات الصحيحة. وكما أشار سمو الآغا خان إلى أن تطوير جامعة عالية الجودة لا يشبه "الطريقة السريعة لتحضير القهوة من خلال سكب الماء الساخن وتحريكها"، بل هي بحاجة للمزيد من العمل الجاد والشاق.
في الختام، أتذكر القول القرغيزي الشهير: "إذا تساعدنا معاً في رفع الحِمل الثقيل يصبح خفيفاً".
بصلواتكم وأمنياتكم الطيبة ودعمكم، فإننا معاً سنحقق هذا الهدف الصعب للغاية والمتمثل في الانتقال بجامعة آسيا الوسطى نحو المرحلة التالية من التنمية والتطوير.
وشكراً جزيلاً لكم