تعتمد قيرغيزستان بشكل كبير على قطاعات الخدمات والحوالات المالية والموارد الطبيعية. وواجه اقتصاد قيرغيزستان تداعيات كارثية بسبب جائحة كوفيد-19، حيث فقد حوالي 40,000 شخص وظائفهم من أصل 2.5 مليون شخص ممن يشكلون القوى العاملة في البلاد. كما أدت الجائحة إلى تفاقم مشكلة عدم المساواة الهيكلية (التفاوت الهيكلي عندما يحتوي نسيج المنظمات على تحيّز يوفر مزايا لبعض الأعضاء ويهمش أو ينتج عيوباً لأعضاء آخرين)، وازدادت حدة عدم المساواة بين الجنسين في فرص العمل، مما أدى إلى تدهور الوضع المادي لحوالي 52% من الأسر ذات الدخل المنخفض.

انطلاقًا من إدراكها لحاجة المجتمعات الجبلية إلى فرص عمل جديدة، أسست جامعة آسيا الوسطى (UCA) مركز نارين لريادة الأعمال (NCE) عام 2021. يهدف المركز إلى تنمية مهارات ريادة الأعمال لدى الطلاب من خلال برامج متخصصة في مجال الأعمال، تشمل القيادة والإدارة، بالإضافة إلى توفير مساحة عمل مناسبة ودعم إرشادي وفرص للتواصل مع رواد الأعمال الآخرين.

من جانبه، أكد جومارت هودايبيرجينوف، مدير مركز نارين لريادة الأعمال، على دور المركز في تنمية ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب في قيرغيزستان، وفتح آفاق جديدة للشباب المهمشين في المناطق الريفية. وأضاف هودايبيرجينوف أن المركز يهدف إلى تمكين الشباب من إنشاء مشاريعهم الخاصة وخلق فرص عمل جديدة، بدلًا من الاعتماد على البحث عن وظائف تقليدية.

انضمت زنارا إيركينبك كيزي، خريجة جامعة نارين الحكومية بتخصص اللغة الإنجليزية وآدابها، إلى مركز نارين لريادة الأعمال كواحدة من أوائل المشاركات. واجهت زنارا صعوبة في العثور على عمل في مجال دراستها، مما دفعها للعمل كمرشدة بدوام جزئي في معرض فني. لم تستسلم زنارا لظروفها الصعبة، وقررت الاعتماد على نفسها لتأمين احتياجات عائلتها. قالت زنارا: "إذا لم أتمكن من العثور على مصدر رزق، سأخلق مصدر رزق خاص بي. لا أقبل الاستسلام".

بفضل عزيمتها وإصرارها، حصلت زنارا على قرض بقيمة 20,000 سوم قيرغيزستاني (240 دولارًا أمريكيًا) لإنشاء مركز لتعليم اللغة الإنجليزية باسم "سبيك أب". استأجرت زنارا غرفة صغيرة لبدء مشروعها المتواضع، ثم توسّع عملها مع مرور الوقت، ممّا سمح لها بتوظيف شخصين آخرين.

وأشارت زنارا قائلًة: "بدأت في تحقيق أرباح جيدة، ولكن شعرت بنقص في المعرفة والفهم الضروريين لضمان نجاح المشروع. لذا، عندما تم إطلاق مركز نارين لريادة الأعمال في عام 2021، وتلقيت دعوة للانضمام إلى المجموعة الأولى، استفدت من الفرصة دون تردد. بفضل السمعة الرفيعة لجامعة آسيا الوسطى والتدريبات المجانية التي خضعت لها، أُتيحت لي الفرصة أخيرًا لتطوير مهاراتي".

ألهم نجاح زنارا المهني زوجها ليشارك بدوره في مركز نارين لريادة الأعمال، حيث انضم إلى المجموعة الثانية من المشاركين. ويعمل زوجها حاليًا على فتح متجر لبيع الملابس في مدينة نارين. وبدافع من هذا النجاح، تخطط زنارا وزوجها لتوسيع مركز "سبيك أب" لتعليم اللغة الإنجليزية. وعلقت زنارا على ذلك قائلةً: "لقد زودنا مركز نارين لريادة الأعمال بالمعرفة والمهارات الأساسية التي ساعدتنا على تقديم خدمات أفضل من منافسينا. لا ينبغي للمرء أن يستسلم أبدًا، بل يجب عليه أن يبحث باستمرار عن فرص لتحقيق أحلامه. الحياة أقصر من أن نخشى البدء بمشاريع جديدة".

نشأ مركز نارين لريادة الأعمال بفضل الدعم السخي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومؤسسة الآغا خان. ويُعد المركز نموذجًا ناجحًا لتمكين الشباب في المناطق الريفية، حيث تم إطلاق مركز مماثل في خوروغ بطاجيكستان لخدمة المجتمعات هناك.