تُعتبر الهند واحدة من البلدان الأكثر تضررًا في العالم جرَّاء نقص المياه، بالإضافة إلى تأثير التغيّر المناخي الذي يتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، الجفاف، ارتفاع مستوى سطح البحر، وهي جميعها تساهم في تهديد الأمن المائي بشدة.

تعتمد المجتمعات الريفية بشكل كبير على الزراعة كمصدر رزق لها، وبالتالي فهي أكثر عرضة للمخاطر والتحديات. وبشكل عام، يلاحظ أن المصادر التقليدية للمياه العذبة مثل البحيرات والآبار والبرك تشهد تراجعًا وإهمالًا، مما يسبب قلقًا وعدم يقين في الحصول على كمية كافية من المياه الصالحة للشرب، وهو أمر أساسي للحفاظ على الحياة الصحية والإنتاجية.

تقع مقاطعة بالغَر في قسم كونكان بولاية ماهاراشترا الهندية، وتُعَدُّ موطنًا للمجتمعات القبلية ومجتمعات صيد الأسماك. يواجه سكان هذه المجتمعات صعوبات في الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي والرعاية الصحية. تعمل وكالة الآغا خان للسكن (AKAH) على التعاون مع القرويين هناك لمساعدتهم في تحسين وصولهم إلى مياه الشرب الآمنة على مدار العام. تتضمن جهود الوكالة استثمارًا في هياكل مستجمعات المياه التي تجمع مياه الأمطار وإعادة تغذية مستويات المياه الجوفية، بالإضافة إلى إصلاح مصادر المياه الحالية وإنشاء مصادر جديدة صديقة للبيئة.

تعمل شبكة الآغا خان للتنمية منذ أكثر من 40 عامًا على التصدي ومعالجة التحديات المتعلقة بشبكات المياه والصرف الصحي في الهند. تمكنت الشبكة من تحسين وصول آلاف الأشخاص في ست ولايات إلى شبكات الصرف الصحي المحسّنة، مما زاد الوعي بأهمية النظافة الصحية. وعلى المستوى العالمي، توفر الشبكة خدمات المياه الآمنة وشبكات الصرف الصحي لأكثر من مليوني شخص. في اليوم العالمي للمياه لعام 2023، سنتعرّف على بعض الأشخاص الذين سيشاركون تجاربهم ويتحدثون عن التغيرات التي يواجهونها.

مصدر ضيق

عندما تكون مصادر المياه القريبة غير موثوقة، تضطر النساء إلى قطع مسافات طويلة تحت أشعة شمس الصيف الحارقة، لجلب المياه الصالحة للشرب لعائلاتهن، وعادةً ما يحملن أحمالاً تصل إلى 30 لترًا.

قطع المسافة

تقع قرية دفليبادا القبلية في مقاطعة بالغَر، حيث اعتادت أوشا والنساء الأُخريات قضاء فترات الصباح والظهيرة في جلب المياه. لكن الآن، بفضل وجود الآبار القريبة، أصبحت المهمة أسهل وأكثر أمانًا، حيث لم تعد النساء بحاجة لقطع مسافات طويلة أو التعرّض لخطر لخطر الوقوع في مواجهة الحيوانات البرية على طول الطريق.

نظام مياه مجتمعي

تُعتبر الهند واحدة من أكبر المستخدمين للمياه الجوفية في العالم. ومع ذلك، بسبب الإدارة الضعيفة، فإن هذا المورد ينضب بسرعة. لذلك، تعد السدود الجوفية حلًا فعّالًا للتحكم في تدفق المياه السطحية وتسهم في إعادة شحن مصادر المياه الجوفية، مما يقلل من تآكل التربة.

كسب الوقت

تستخدم أوشا بئرًا قريبًا من منزلها لسحب المياه وسقاية حديقتها، ويوفِّر هذا البئر مياهًا موثوقة على مدار العام للاستخدام المنزلي. لذلك، ساهم توفّر المياه في منحها وقتًا إضافيًا للقيام بأنشطة أُخرى مهمة، مثل قضاء وقت ممتع مع أطفالها، بالإضافة إلى العمل في مزرعتها لزيادة دخل أسرتها.

الميزانية والمراقبة

يقوم الفريق الفني التابع لوكالة الآغا خان للسكن بتوثيق خصائص ومواصفات الآبار المحفورة الموجودة، بالإضافة إلى تسجيل قراءات لمنسوب المياه ومراقبة جودة المياه، وذلك لإعداد ميزانية للعام وتلبية احتياجات المجتمع.

الطاقة الصديقة للبيئة

يعتمد المزارعون والأُسر في المناطق الريفية في جميع أنحاء الهند على مضخات المياه الجوفية لتأمين احتياجاتهم من المياه خلال فترات الجفاف. وعادةً ما يستخدمون مضخات الديزل التي تعتبر مكلفة وتسبب التلوث البيئي. ومن بين هؤلاء المزارعين، يقوم غانيش وغوفيند بتشغيل مضخة مياه تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تمتاز بتوفير المياه لأكثر من 50 عائلة من خلال خطوط أنابيبها.

20 روبية لرفاهيتنا

يقول ماندا: "يترتب على كل أُسرة دفع مبلغ 20 روبية للمساهمة في صيانة وتشغيل خطوط أنابيب مياه الشرب، التي تعمل بالطاقة الشمسية. نحن ممتنون لهذه الجهود، التي تعزز من صحة ونظافة مجتمعنا".

عادات جيدة

تشجّع النقاط المخصصة لغسل أيدي الأطفال على تطوير عادات صحية أفضل.

الكرامة والفرص

قالت أوجوالا، نائبة المدير: "اعتادت الطالبات مغادرة المدرسة والتوجه إلى منازلهن عدة مرات في اليوم لاستخدام المراحيض، مما يؤدي إلى غيابهن عن الفصول الدراسية وتراجع أدائهن الأكاديمي، وفي بعض الأحيان يتخلّين عن مساعيهن التعليمية بسبب الافتقار إلى مرافق الصرف الصحي الآمنة والملائمة. ولكن حاليًا، يشعر هؤلاء الطلاب بفخر كبير بالعمل الذي يقومون به للحفاظ على نظافة وسلامة المراحيض لاستخدامها من قبل مجتمع المدرسة بأكمله".

التكافل

تتعاون ساندهايا وأشليشا لملء دلو المياه من صنبور مضخة يدوية مثبتة في فناء مدرستهما.

المياه للجميع

تم تركيب مضخة يدوية مشتركة في المنطقة المكتظة بالسكان، بالإضافة إلى حفرة لإعادة تجديد المياه. وتم تخصيص حوض مياه مخصص لسقاية الأبقار بالقرب من المساكن، حيث يتميز هذا المكان بنشاط كبير.

الصمود

يعتمد غالبية سكان قبيلة غولي على تربية الماشية، وبما أن الأنهار تجف بشكل دوري، فإن حوض المياه المخصص للماشية يساعد في تسهيل وصول الحيوانات إلى المياه بسهولة.

عاش تشينتمان لمدة خمسة وعشرين عامًا كمزارع صغير، وكان يضطر للهجرة إلى المدن خلال فترات الجفاف للعمل في وظائف مختلفة من أجل إعالة أسرته. وبفضل حضوره دورات تدريبية، نجح تشينتمان في زراعة مجموعة متنوعة من الخضار والفواكه في حديقة منزله باستخدام كميات قليلة من المياه. وهذا ساعده على توفير الغذاء الكافي لعائلته وزيادة دخله.